للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر الحافظ ابن كثير أن آيات الظهار نزلت في أوس بن الصامت وزوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة، ثم قال: (هذا هو الصحيح في سبب نزول صدر هذه الآية، فأما حديث سلمة بن صخر فليس فيه أنه كان سبب النزول، ولكن أُمر بما أنزل الله في هذه السورة من العتق أو الصيام أو الإطعام) (١).

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على وجوب الترتيب بين خصال كفارة الظهار، وهي عتق رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٣، ٤].

* الوجه الخامس: ظاهر الآية أنه لا يشترط الإيمان في الرقبة التي يراد إعتاقها في كفارة الظهار؛ لأن الرقبة جاءت مطلقة عن التقييد، فلا يحمل هذا المطلق على المقيد في آية سورة النساء؛ لاختلاف السبب؛ لأنه هنا ظهار، وفي آية النساء قتل، وهذا قول الحنفية، ورواية عن أحمد (٢).

والفول الثاني: اشتراط الإيمان حملًا للمطلق هنا على المقيد في كفارة القتل: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢]؛ لأن الحكم واحد وهو تحرير رقبة، وهذا رواية عن أحمد، وقول مالك والشافعي (٣).

والقول الأول وجيه؛ لأن الكفارة عقوبة شرعت لعلة، ولكل حكم علته المناسبة له، قد تظهر وقد تخفى، وقد يكون شدد في كفارة القتل لشدة أمره، بخلاف الظهار، والقيد في هذا الحكم تشديد كما لا يخفى، فالأخذ بظاهر الآية في آية الظهار قوي، لكن إعتاق المؤمنة أحوط وأبرأ للذمة، فإن الرقبة إذا أعتقت وهي كافرة لا يؤمن أن يلحق بالكفار؛ لأنه صار حرًّا، وقد يؤيد


(١) "تفسير ابن كثير" (٨/ ٦٢)، وانظر: "المحرر في أسباب نزول القرآن" (٢/ ٩٥٧).
(٢) "المبسوط" (٧/ ٢)، "المغني" (١١/ ٨١).
(٣) "المهذب" (٢/ ١٤٧)، "بداية المجتهد" (٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>