للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذلك ما في حديث معاوية بن الحكم - رضي الله عنه - قال: كانت لي جارية، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: عليَّ رقبة أفأعتقها؟ فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أين الله؟ "، قالت: في السماء، قال: "من أنا؟ "، قالت: أنت رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعتقها فإنها مؤمنة" (١).

* الوجه السادس: شرط الصيام أن يكون شهرين متتابعين لا يفطر فيهما إلا لعذر، كأن يتخلله رمضان أو فطر يجب كعيد وأيام التشريق، أو تخلله فطر لجنون أو مرض مخوف، أو لعذر يحيى الفطر كسفر ونحو ذلك، فلا ينقطع التتابع؛ لأنه فطر بسبب لا يتعلق باختياره، فإن أحل بالتتابع لغير عذر استأنف الصيام.

وقد دلت الآية على أن الصيام يكون قبل المماسة، قال تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} أي: يَمَسَّ أحدهما الآخر بالجماع، كما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنه - وغيره فلو مَسَّ أثناء الشهرين استأنف الصيام إذا كان ذلك نهارًا بالإجماع، وأما المس في الليل ففيه قولان، فمن قال: يقطع التتابع أخذ بعموم الآية: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، فأمر بصيام الشهرين خاليين من الوطء (٢).

والقول الثاني: أنه إذا أصابها ليلًا أثم؛ لوطئه قبل إتمام الصوم، ولا ينقطع التتابع، وهو قول الشافعي، وابن المنذر، ورواه الأثرم عن أحمد، وهو قول الموفق ابن قدامة؛ لأن وطء الليل لا يبطل الصوم، فلا يوجب الاستئناف، كوطء غيرها؛ ولأن التتابع في الصيام معناه: إتباع صوم يومٍ للذي قبله من غير فارق، وهذا متحقق وإن وطئ ليلًا (٣)، وهذا هو الأقرب؛ لقوة مأخذه.

وأما ما دون الجماع كالقبلة والمعانقة والاستمتاع بما دون الفرج ففيه قولان:


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧). وتقدم في كتاب "الصلاة".
(٢) "تفسير ابن كثير" (٨/ ٦٥).
(٣) "المغني" (١١/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>