للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأول: أنه يحرم، وهو قول الزهري والأوزاعي، وهو قول مالك، وأصحاب الرأي، وأحد قولي الشافعي، ورواية عن أحمد؛ لأن ما حرَّم الوطء من القول حرَّم دواعيه، كالطلاق والإحرام.

القول الثاني: أنه يباح، وهو قول الحسن والثوري وعطاء وآخرين، وبه قال الشافعي، ورواية عن أحمد، فإنه قال: (أرجو ألا يكون به بأس)؛ لأن الله تعالى قال: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} والتماس كناية عن الجماع، كما تقدم، ولا يلزم من تحريم الجماع تحريم دواعيه، فالحيض يحرم فيه الوطء، ويباح ما دونه، والصيام يحرم فيه الوطء، وتباح فيه المباشرة (١)، وهذا القول هو الأظهر.

* الوجه السابع: دل الحديث على وجوب إطعام ستين مسكينًا إذا لم يستطع الصيام لكبر أو مرض يخاف بالصوم تباطؤه أو الزيادة فيه، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} والآية كالحديث نص في العدد، فلا يجزئ أقل من ستين، إلا إن تعذر ذلك، فإنه يكرر الكفارة على الموجودين بقدر ستين مسكينًا.

ويجزئ في الإطعام كل ما كان قوتًا للبلد كالرز ونحوه؛ لأن الله تعالى أوجب الإطعام ولم يخصصه بنوع معين، فيرجع فيه إلى ما جرى به عرف البلد.

ومقدار الإطعام مدٌّ من البر، وهو ربع الصالح، وهو ما يعادل خمسمائة وستين جرامًا، على أن الصالح كيلوان ومائتان وأربعون جرامًا، لقوله: "أطعم فرقًا من تمر ستين مسكينًا"، والفرق: بفتح الفاء والراء، مكيال يسع خمسة عشر صاعًا، وفي بعض نسخ "البلوغ": (عرقًا) بفتح العين والراء المهملتين، وقد روى أبو داود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: (العرق: زنبيل


(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٠٩ - ٣١٠)، "الاستذكار" (١٧/ ١٢٣ - ١٢٤)، "المغني" (١١/ ٦٧)، "روضة الطالبين" (٨/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>