للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من السلف (١)؛ لأنه ورد في السنة ما يدل على ذلك، ففي حديث سهل: (فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدًا) (٢).

والقول الثالث: لأبي حنيفة، وأحمد في رواية: أن الفرقة لا تحصل إلا باللعان وتفريق الحاكم، لما تقدم في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: (ثم فرق بينهما)، وكذا جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهذا يدل على أن الفرقة لم تحصل قبل تفريق النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما استدلوا بقوله: (كذبت عليها إن أمسكتها) لأن فيه إخبارًا منه بأنه ممسك لها بعد اللعان على ما كان عليه من النكاح، ولو وقعت الفرقة بتمام اللعان لما صح قوله: (كذبت عليها إن أمسكتها) وهو غير ممسك لها (٣).

والقول الرابع: للشافعية: وهو أن الفرقة تثبت بلعان الزوج وحده ولو لم تلتعن المرأة؛ لأنها فرقة بالقول، فتحصل بقول الزوج وحده كالطلاق، قال الجصاص ومن بعده الموفَّق: (ولا نعلم أحدًا وافق الشافعي على هذا القول) (٤).

وأظهر الأقوال أنه إذا تم اللعان ثبتت الفرقة بين الزوجين، ولا يفتقر هذا إلى تفريق الحاكم، لما تقدم؛ ولأن الزوج لما شهد عليها بالزنا أربع مرات فالظاهر أنهما لا يأتلفان، فلم يكن في بقاء النكاح فائدة، فينفسخ كما ينفسخ بالارتداد؛ ولأنه لو كان التفريق إلى القاضي لساغ تركه برضا الزوجين كالتفريق بالعيب، ولم يقل بهذا أحد.

وأما القول بأنه لا بد من الطلاق، فهو قول غير صحيح؛ لأن حديث سهل لا دلالة فيه على ذلك؛ لأن عويمرًا إنما طلق امرأته بعد اللعان؛ لأنه ظن أن اللعان لا يحرمها عليه، فأراد تحريمها بالطلاق، ثم إن تطليقه مؤكد


(١) انظر: "المحلى" (١٠/ ١٤٢، ١٤٤)، "المغني" (١١/ ١٤٤).
(٢) رواه أبو داود (٢٢٥٠)، والبيهقي (٧/ ٤١٠)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٧/ ١٨٥).
(٣) "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ١٥٠ - ١٥١).
(٤) "المغني" (١١/ ١٤٥)، "أحكام القرآن" (٥/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>