للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (لا ترد يد لامس) اختلف في معناه على ثلاثة أقوال:

الأول: أن المراد أنها مطاوعة لمن أرادها للفاحشة، وهذا كناية عن الفجور، وهذا قول أبي عبيد والخلال والنسائي وابن الأعرابي والخطابي والنووي (١)، وهذا المعنى نصره الشوكاني؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل الرجل عن مراده، فينزل منزلة العموم، والعرب تكني بمثل هذه العبارة عن الزنا وعدم الثقة (٢)، وضعفه آخرون؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يقره على أن يكون ديوثًا وأن يكون زوج امرأة تتعاطى الفجور.

الثاني: أن المراد أنها مسرفة في ماله، وهذا كناية عن بذلها الطعام، قال ابن قتيبة: (إنما أراد أنها سخية لا تمنع سائلًا)، وهذا قول أحمد، والأصمعي، قال ابن الأثير: (وهذا أشبه) (٣).

لكن ضعف هذا بأنه لو كان هو المراد لقال: لا ترد يد ملتمس، ثم إن التبذير إن كان بمالها فمنعها ممكن، وإن كان بمال الزوج فكذلك، ولا يوجب هذا أمره بطلاقها (٤).

الثالث: أن المراد أنها سهلة الأخلاق ليس عندها نفور وحشمة عن محادثة الرجال الأجانب ومصافحتهم، لا أنها تأتي الفاحشة، وكثير من النساء قد يتسامحن في محادثة الرجال أو مصافحتهم، ويوجد هذا في كثير من القبائل، وهذا معنى رجحه ابن كثير (٥)، والصنعاني، وجماعة.

قوله: (غربها) أي: أبعدها عنك وفارقها.

قوله: (فاستمتع بها) أي: أبقها وتلذذ بها قدر ما تقضي حاجتك.


(١) "التلخيص" (٣/ ٢٥٣).
(٢) "نيل الأوطار" (٦/ ١٦٥).
(٣) "النهاية" (٤/ ٢٧٠).
(٤) انظر: "حاشية السندي" على "سنن النسائي" (٦/ ٦٧).
(٥) "تفسير ابن كثير" (٦/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>