للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن عدة الحامل المتوفى عنها وضع الحمل ولو لم يمض عليها أربعة أشهر وعشر، لقوله: (بليال)، وفي رواية: (بأربعين ليلة)، وللحديث روايات أخرى، وكلها تفيد أنها وضعت قبل تمامها أربعة أشهر وعشرًا.

* الوجه الخامس: عموم الحديث يشمل وَضْعَ ما فيه خلق إنسان ولو لم يكن تامًّا، وأما ما لا يتحقق فيه ذلك فلا تخرج بوضعه من العدة؛ لأن العدة لازمة بيقين، فلا تنقضي بمشكوك فيه، ويرى ابن دقيق العيد أنها لا تخرج إلا بالحمل التام المتخلق؛ لأن هذا هو الغالب، ووضع العلقة والمضغة نادر، ولا ينبغي حمل الحكم على النادر (١)، لكن للمخالف أن يقول: إذا كان المقصود هو العلم ببراءة الرحم حصل ذلك بوضع ما تبين فيه خلق إنسان ولو لم يكن تامًّا.

* الوجه السادس: الحديث دليل على أنه يباح لمن وضعت أن تتزوج ويعقد عليها ولو لم تطهر من نفاسها؛ لقولها: (حين وضعت حملي)، ولما قاله الزهري، وقد نسبه الحافظ إلى الجمهور، وقال: (وهو ظاهر القرآن في قوله تعالى: {أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]) (٢).

* الوجه السابع: أخذ جمهور العلماء بهذا الحديث مع عموم قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] وقالوا: عدة الحامل المتوفى عنها وضع الحمل (٣)، واعتبروا هذه الآية مخصصة لآية البقرة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] لأنها عامة تتناول المتوفى عنها الحامل وغير الحامل، وهذا التخصيص دل عليه حديث سبيعة هذا، وعليه فتكون آية البقرة خاصة بالمتوفى


(١) انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم" (١٠/ ٣٦٣)، "إحكام الأحكام" (٤/ ٢٤٧).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٤٧٥).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (٢٨/ ١٤٤)، "زاد المعاد" (٥/ ٥٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>