للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنها غير الحامل، وتكون آية سورة الطلاق في الحامل، سواء أكانت متوفى عنها أم غيرها، وبهذا الجمع يزول التعارض الظاهر بين عموم آية البقرة وخصوص آية سورة الطلاق، ويؤيد ذلك قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: (أتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون عليها الرخصة؟ نزلت سورة النساء القُصرى بعد الطولى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}) (١)، يعني بذلك أن السورة القصرى وهي سورة الطلاق مخصصة لآية البقرة؛ لأنها أخرجت منها بعض أفرادها.

على أنه قد نوزع في عموم آية البقرة؛ لأن قوله تعالى: {أَزْوَاجًا} جمع منكر، والجمع المنكر في سياق الإثبات لا يفيد العموم على رأي جماعة من الأصوليين (٢).

ويرى آخرون أن المتوفى عنها الحامل تعتد أطول الأجلين بالأشهر أو بوضع الحمل، فإن كان حملها أكثر من أربعة أشهر اعتدت به، وإن وضعت قبل هذه المدة اعتدت بالأشهر، ولعل سبب الخلاف تعارض عموم آية البقرة مع آية سورة الطلاق، فإن كل واحدة من الآيتين عام من وجه وخاص من وجه، ولعل هذا التعارض هو السبب لاختيار من اختار أقصى الأجلين، وذلك ليحصل العمل بكلتا الآيتين، والخروجُ من العهدة بيقين، بخلاف ما إذا عمل بإحداهما.

قال القرطبي: (الجمع أولى من الترجيح باتفاق أهل الأصول، وهذا النظر حسن، لولا ما يُعَكِّر عليه من حديث سبيعة .. )، وقال ابن كثير: (هذا مأخذ جيد، ومسلك قوي، لولا ما ثبتت به السنة في حديث سبيعة .. ) (٣).

وهذ القول روي عن علي - رضي الله عنه -، فقد أخرج سعيد بن منصور عن مسلم بن صبيح، قال: كان عليٌّ يقول آخر الأجلين (٤).


(١) رواه البخاري (٤٥٣٢)، (٤٩١٠).
(٢) انظر: "أضواء البيان" (١/ ٢٨٠).
(٣) "تفسير القرطبي" (٣/ ١٧٥)، "تفسير ابن كثير" (١/ ٤١٩).
(٤) "سنن سعيد بن منصور" (١/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>