للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس فيها نفي السكنى، وفي الروايات الأخرى (لا نفقة لكِ ولا سكنى).

* الوجه الثالث: استدل بهذا الحديث من قال: إن المطلقة البائن، وهي التي طلقها زوجها آخر الثلاث ليس لها نفقة ولا سكنى زمن العدة، وهذا قول علي وابن عباس وجابر -رضي الله عنهم-، ومن التابعين عطاء وطاوس والحسن، وهو مذهب الإمام أحمد، وبه قال ابن حزم وإسحاق وأبو ثور وغيرهم (١)، ورجحه ابن عبد البر (٢)، وهو قول ابن تيمية، ونصره ابن القيم (٣)، ورجحه الشوكاني (٤).

والقول الثاني: أن لها النفقة والسكنى، وهو قول عمر وابن مسعود -رضي الله عنهما-، وسفيان الثوري رَحمهُ اللهُ، وهو مذهب الحنفية (٥)، واستدلوا بقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١]، فالنهي عن إخراجهن يدل على وجوب السكنى مع النفقة، ويؤيده قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] فهذا أمر بالسكنى، وأما النفقة فلأنها محبوسة بسبب الزوج من أجل العدة، فتكون نفقتها عليه (٦).

وقد قال عمر - رضي الله عنه -: (لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال الله عزَّ وجلَّ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ} (٧). قالوا: فهذا عمر - رضي الله عنه - يخبر أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لها النفقة؛ لأنه قال: (سنة نبينا) وهذا له حكم الرفع، ويدل على أنة حفظ شيئًا من السنة يخالف قول فاطمة.

والقول الثالث: أن لها السكنى دون النفقة، وهذا قول المالكية والشافعية، ورواية عن أحمد، ونسبه الباجي ومن بعده الحافظ ابن حجر إلى


(١) "المحلى" (٢٨٢/ ١٠)، " تفسير القرطبي" (١٨/ ١٦٢)، "المغني" (١١/ ٤٠٢ - ٤٠٣).
(٢) "التمهيد" (١٩/ ١٥١).
(٣) "زاد المعاد" (٥/ ٥٢٢ - ٥٤٢).
(٤) "نيل الأوطار" (٦/ ٣٤٠).
(٥) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٤٨)، "بدائع الصنائع" (٣/ ٢٠٩).
(٦) "المغني" (١١/ ٤٠٣).
(٧) رواه مسلم (١٤٨٠) (٤٦) من طريق أبي أحمد الزبيري، حدثنا عمار بن رُزيق، عن أبي إسحاق، قال: كنت مع الأسود بن يزيد .. الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>