للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجمهور (١)، واختاره ابن المنذر (٢)، واستدلوا على وجوب السكنى بقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيثُ سَكَنْتُمْ} قالوا: فأمر الله بإسكانها في البيت حفظًا للنسب وتحصينًا لماء الزوج، واستدلوا على عدم وجوب النفقة بقوله: "لا نفقة لكِ" وهو ما جاء في أقوى الروايات، وبقوله: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ} [الطلاق: ٦] فمفهوم الآية أنهن إن لم يكن أولات حمل لا ينفق عليهن، إذ لو كانت البائن لا نفقة لها مطلقًا لم تُخَصَّ الحامل بالذكر، فدل على أن غيرها لا نفقة لها، ويؤيد ذلك ما ورد في إحدى روايات أبي في اود بإسناد مسلم: فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ""لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملًا" (٣).

وقد أجاب من لم يستدل بحديث فاطمة وهم الحنفية ومن وافقهم عنه بعدة أجوبة، أهمها:

١ - أن حديثها معارض للقرآن، حيث دل حديثها على أن البائن لا نفقة لها ولا سكنى، والقرآن دل على أن لها ذلك، كما تقدم.

٢ - أن حديثها معارض لرواية عمر - رضي الله عنه -.

٣ - أنه قول امرأة، وهي عرضة للخطأ والنسيان.

وبهذا يتبين أن سبب الخلاف في هذه المسألة اختلاف ألفاظ الحديث، والخلاف في تأويل قوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (٤) وقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦].

أما ما استدل به أصحاب القول الثاني من قوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ … } فليس هو في البائن، وإنما هو في المطلقة الرجعية، بدلالة السياق وهو قوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] والأمر الذي يرجى إحداثه هو المراجعة في العدة، وهذا غير وارد في البائن، ويؤيد ذلك رواية النسائي: "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليه


(١) "المدونة" (٢/ ١٠٨)، "المنتقى" (٤/ ١٠١)، "التحقيق" (٩/ ٢١٨)، "المفهم" (٤/ ٢٦٨)، "نهاية المحتاج" (٦/ ٢٦٧)، "فتح الباري" (٩/ ٤٨٠)، "الإنصاف" (٩/ ٣٦١).
(٢) "الإشراف" (٥/ ٣٤٥).
(٣) "السنن" (٢٢٩٠).
(٤) انظر: "بداية المجتهد" (٣/ ١٧٨)، "المفهم" (٤/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>