للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بترك للقرآن كما قال عمر: (لا نترك كتاب ربنا) لأن كتاب ربنا خاص بالرجعية، فهي التي لها النفقة والسكنى.

وأما قولهم: إن حديثها معارض برواية عمر فيجاب عنه بما يلي:

الأول: أن هذا لا يصح عن عمر، كما تقدم.

الثاني: أن عمر - رضي الله عنه - خالفه جماعة من الصحابة، كعلي وابن عباس ومن وافقهما، والحجة معهم، ولو لم يخالفه أحد منهم لما قبل قول المخالف لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه حجة على عمر وعلى غيره، فهذا القول ليس عليه دليل من القرآن؛ لأنه إن كان المقصود إثبات السكنى فالآية في الرجعية، وهو مخالف لحديث فاطمة الذي هو نص في المسألة.

الجواب الثالث: أن من له إلمام بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقطع ويجزم بأن عمر - رضي الله عنه - لم يكن عنده سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن للمطلقة ثلاثًا السكنى والنفقة، ولو كان عنده شيء من ذلك لبينه ونشره للأمة.

وأما قولهم: إنه قول امرأة وهي عرضة للخطأ والنسيان، فهذا مطعن باطل بإجماع المسلمين؛ لأمور ثلاثة:

١ - أنه لم ينقل عن أحد من العلماء أنه رد خبرًا لكونه عن امرأة، وكم من سنة تلقتها الأمة بالقبول عن امرأة واحدة من الصحابة؟ وقد أخذ العلماء بحديث فريعة بنت مالك -الآتي- في اعتداد المتوفى عنها في بيت زوجها، ولا مقارنة بين فاطمة بنت قيس وفريعة بنت مالك في العلم والثقة والجلالة في الدين.

٢ - أنه لم ينقل عن أحد من العلماء أنه رد الخبر بمجرد تجويز النسيان على ناقله؛ لأن النسيان لا يسلم منه أحد.

٣ - أن فاطمة بنت قيس من المشهورات بالحفظ، فقد سمعت حديث الدجال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيخطب به مرة واحدة، فوعته مع أنه حديث طويل، فكيف يُظن بها أن تحفظ مثل هذا، وتنسى أمرأ متعلقًا بها وهو وجوب النفقة والسكنى لها على زوجها (١)؟! والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "زاد المعاد" (٥/ ٥٢٨)، "مختصر تهذيب السنن" (٣/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>