للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن النفس، ومراعاة للطبيعة البشرية، فإن مات في بقية يوم أو بقية ليلة ألغيت تلك البقية، وعَدَّتْ ذلك من الليلة المستقبلة (١).

وهذا الإحداد ليس بواجب، للاتفاق على أن الزوج لو طالبها بالجماع لم يحل لها منعه في تلك الحالة (٢).

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على تحريم الإحداد على الميت فوق ثلاث غير زوجها، لا فرق في ذلك بين الأب وغيره؛ لأن الحديث سيق مساق الحصر.

وقد روى البخاري بسنده عن محمد بن سيرين، قال: توفي ابن لأم عطية - رضي الله عنها - فلما كان اليوم الثالث دعت بصفرة فتمسحت به، وقالت: نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا بزوج (٣).

أما ما ورد في "المراسيل" لأبي داود عن عمرو بن شعيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص للمرأة أن تحد على أبيها سبعة أيام، وعلى سواه ثلاثة أيام (٤)، فالجواب عنه من وجهين:

الأول: أنه ضعيف لا تقوم به حجة؛ لأنه مرسل أو معضل، فإن عمرو بن شعيب لم يكن من الصحابة ولا من التابعين، وعلى تسليم أنه من التابعين فهو من صغارهم، فلا يقف في معارضة الأحاديث الصحيحة، ولو سلمت صحته فهو شاذ؛ لمخالفته الأحاديث الصحيحة.

الثاني: على فرض صحته فهو مخصص لعموم النهي في حديث أم عطية، فتكون السبعة خاصة بالأب (٥).

* الوجه الخامس: ذهب الجمهور من أهل العلم قديمًا وحديثًا من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى وجوب الإحداد على المرأة المتوفى عنها


(١) "تفسير القرطبي" (٣/ ١٨٠).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ١٤٦)، "شرح الزرقاني" (٣/ ٢٣٢).
(٣) "صحيح البخاري" (١٢٧٩). وانظر: "فتح الباري" (٣/ ١٤٦) فقد ذكر أن الباء سببية.
(٤) "المراسيل" رقم (٣٩٩)، وانظر: "تحفة الأشراف" (١٣/ ٣١٦).
(٥) "فتح الباري" (٩/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>