للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زوجها، ولم يخالف في ذلك إلا الحسن البصري والشعبي، وهذه المخالفة لا تقدح في الاحتجاج وإن كان فيها رد على من ادعى الإجماع، والظاهر أنه لم يبلغهما الحديث، ولعلهما استدلا بحديث أسماء الآتي. على أن بعض العلماء قد ضعف ما نسب إلى الحسن، قال العيني: (لا يصح هذا عن الحسن، قاله ابن العربي) (١).

وقد استدل بعض العلماء على وجوب الإحداد من القرآن بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٤] ووجه الدلالة: أن الله تعالى نفى الجناح عن المتوفى عنها زوجها إذا انقضت عدتها في فعل المعروف من الزينة والطيب، والتعرض للخطاب على ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-، فدل على أن الجناح لازم لها قبل ذلك، وإلا فما الفائدة من قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} قال ابن سعدي: (في هذه الآية وجوب الإحداد مد العدة) (٢).

* الوجه السادس: أن مدة الإحداد هي مدة العدة أربعة أشهر وعشر، تبدأ من حين موت زوجها، سواء أعلمت بذلك حين الوفاة أم لم تعلم إلا بعد ذلك، ولو فرض أنها انقضت العدة قبل علمها فلا عدة عليها ولا إحداد. قال ابن عبد البر: (أجمعوا على أن كل معتدة من طلاق أو وفاة تحسب عدتها من ساعة طلاقها أو وفاة زوجها) (٣).

وقد ورد في حديث أسماء بت عميس - رضي الله عنها - قالت: (دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم الثالث من قتل جعفر، فقال: "لا تحدي بعد يوفك هذا" (٤)، وظاهره أن الإحداد لا يجب على المتوفى عنها بعد اليوم الثالث،


(١) "عمدة القاري" (٨/ ٦٧).
(٢) "تفسير ابن سعدي" ص (١٠٤).
(٣) "التمهيد" (١٥/ ٩٩).
(٤) رواه أحمد (٤٥/ ٢٠) وغيره من طريق محمد بن طلحة، عن الحكم، عن عبد الله بن شداد، عن أسماء - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>