للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن أعلَّه الأئمة الحفاظ كالدارقطني والبيهقي بالإرسال (١)، ثم إنه شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة في وجوب الإحداد كحديث أم عطية -رضي الله عنها-، وقد حكم عليه بالمخالفة الإمام أحمد وإسحاق (٢)، ويرى أبو حاتم أن الحديث ليس عن أسماء، وقد غلط محمد بن طلحة فيه، ونقل عن آخرين أن هذا قبل أن ينزل العِدَدُ (٣). وذكر الحافظ ابن حجر عنه عدة أجوبة كلها تكلف (٤)، قال البيهقي: (الأحاديث قبله أثبت، والمصير إليها أولى، وبالله التوفيق) (٥).

* الوجه السابع: مدة عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر كما هو نص القرآن، وهذا الحديث، والجمهور من أهل العلم على أن المتوفى عنها لا تخرج من العدة إلا بدخول الليلة الحادية عشرة بناءً على أن المراد بقوله: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} عشرُ ليالٍ بأيامها، فيكون اليوم العاشر من العدة وليلته قبله تبع له.

وقد التمس العلماء عللًا لتذكير العدد في قوله: {وَعَشْرًا} فقالوا: لتغليب الليالي؛ لأن الليلة تبع لليوم؛ ولأن ابتداء الشهور بالليل عند الاستهلال؛ ولأن التذكير أخف في اللفظ من التأنيث (٦).

* الوجه الثامن: أن الإحداد خاص بالنساء دون الرجال، لقوله: "لا تحد امرأة"، وأما الإحداد في العصر الحاضر الذي وقع فيه بعض المسلمين من تنكيس الأعلام، وتغيير برامج الإعلام بما ينالسب المقام، وتعطيل الأعمال لوفاة زعيم من الزعماء في مدة معينة، فليس من الإسلام في شيء، فإن الحداد خاص بالمرأة، كما دل عليه الحديث، وقد مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل الأنبياء وأشرف الخلق ولم يُحِدَّ عليه الصحابة -رضي الله عنهم-، ثم مات أبو بكر - رضي الله عنه -،


(١) انظر: "العلل" للدارقطني (١٥/ ٣٠٣ - ٣٠٤)، "السنن الكبرى" (٧/ ٤٣٨).
(٢) انظر: "مسائل الكوسج" (٩/ ٤٧٣٠).
(٣) "العلل" (١٣١٨).
(٤) "فتح الباري" (٩/ ٤٨٧).
(٥) "السنن الكبرى" (٧/ ٤٣٨).
(٦) "المحرر الوجيز" (٢/ ٢١٦)، "تفسير القرطبي" (٣/ ١٨٦)، "الفتوحات الإلهية" (١/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>