للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - أن لفظ القرء لم يستعمل في كلام الشارع إلا للحيض، ولم يأت في موضع واحد استعماله للطهر، فحمله في الآية على المعهود المعروف من خطاب الشارع أولى بل متعين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام أقرائها" (١).

وقد حصل بين الفريقين نقاش، وكل فريق يريد أن يحتج على أن اسم القرء في الآية ظاهر في المعنى الذي يراه، وقد أطال ابن القيم وغيره من أهل العلم الكلام في هذه المسألة، وحكى ما بين الفريقين من ردود ومناقشات (٢).

والأقرب -والله أعلم- هو القول الثاني، فإنه مؤيد بقول عشرة من الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا سيما الخلفاء الأربعة، وقد نقل الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال: (إنه قول الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (٣).

وأما الاستدلال بتفسير عائشة - رضي الله عنها - فقد خالفها من هو أعلم بمراد الله من كتابه وأفهم لمعناه كالخلفاء الأربعة ومن معهم، ولا يكاد يختلف الرجال والنساء في مسألة إلا وكان الصواب في الغالب في جانب الرجال (٤). ثم إن المقصود من العدة هو العلم ببراءة الرحم، وبراءته إنما تكون بالحيض لا بالطهر.

والفرق بين القولين أن من قال: إن الأقراء هي الأطهار رأى أن المطلقة الرجعية إذا دخلت في الحيضة الثالثة فلا رجعة عليها وحلت للأزواج، ومن قال: إنها الحيض لم تحل عنده حتى تنقضي الحيضة الثالثة، وزاد آخرون: وتغتسل منها (٥). والله تعالى أعلم.


(١) رواه أبو داود (٢٩٧)، وإسناده ضعيف جدًّا، قال ابن كثير في "تفسيره" (١/ ٣٩٧): (لو صح لكان صريحًا في أن القرء هو الحيض).
(٢) "زاد المعاد" (٥/ ٦٠٠ - ٦٥٠).
(٣) "المغني" (١١/ ٢٠٠).
(٤) انظر: "زاد المعاد" (٥/ ٦٣٦).
(٥) "بداية المجتهد" (٣/ ١٧١ - ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>