للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخمس رضعات معلومات) (١)، وهذا حصر طريقه النفي والإثبات.

والقول الثاني: أن قليل الرضاع وكثيره يحرم، وهذا مروي عن علي، وابن عباس، وابن عمر -رضي الله عنهم-، وبه قال سعيد بن المسيب، وعروة، والزهري، وآخرون، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد (٢).

واستدلوا بقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [لنساء: ٢٣] قالوا: فعلق الله التحريم بوجود الإرضاع، ولم يقيد ذلك بشيء، فحيث وجد اسم الرضاع ثبت حكمه، فهؤلاء رجحوا ظاهر القرآن على الأحاديث الواردة في هذا، كما استدلوا بالحديث الآتي: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فإنه ربط التحريم بمجرد الرضاع، كما ورد آثار عن الصحابة - رضي الله عنهم - تدل على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم.

والقول الثالث: أنه لا يثبت التحريم بأقل من ثلاث رضعات، وبه قال أبو ثور، وأبو عبيد، وداود، وهو رواية عن أحمد (٣)، واستدلوا بالحديث المتقدم: "لا تحرم المصة والمصتان" قالوا: فمفهوم الحديث أن ما زاد على المصتين يثبت به التحريم، وهو الثلاث فصاعدًا.

والراجح القول الأول، وهو أن الرضاع المحرم خمس رضعات، لأن حديث عائشة - رضي الله عنها - نص صريح، ويقويه حديث: "لا تحرم المصة والمصتان" كما يقويه حكمة التحريم بالرضاع -كما تقدم- وهي شبهة الجزئية بين المرضع والمرضعة، وهذا لا يتحقق إلا برضاع كامل، وهو خمس وجبات بحيث ينبت اللحم، وينشز العظم.

أما من يرون أن قليله وكثيره محرم فهو مردود بالحديث المتقدم: "لا تحرم المصة والمصتان"، وأما قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} فإن


(١) "المصنف" (٧/ ٤٦٦)، ورواه الدارقطني (٤/ ١٨٣)، والبيهقي (٧/ ٤٥٦)، وصححه الحافظ في "فتح الباري" (٩/ ١٤٧).
(٢) "المغني" (١١/ ٣١٠)، "بداية المجتهد" (٣/ ٦٤).
(٣) "المغني" (١١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>