للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السنة بينت أن الرضاعة التي تحرم هي ما كانت مبنية على العدد، فلا تحرم المصة ولا المصتان، ولا يحرم إلا الخمس، فتكون الآية من قبيل المجمل الذي بينه الشارع بالعدد وضبطه به.

وأما من قال إن الثلاث تحرم فدليله مفهوم حديث عائشة -رضي الله عنها-، والخمس منطوق، فهو مقدم، ثم إن العمل بأحاديث الرضعات الخمس إعمال للأحاديث كلها.

* الوجه الثالث: الرضعات مفردها رضعة: وهي -على الأظهر- اسم مرة، كالأكلة والشربة، فيكون المراد بها الوجبة التامة وإن تخللها تنفس أو انتقال من ثدي إلى آخر، أو جاءه ما يلهيه، وإنما يتركه عن رِيٍّ وطيب نَفْسٍ؛ لأنه لم يرد في الشرع لها ضابط معين، فيرجع فيها إلى اللغة وإلى عرف الناس، والناس لا يعدون الأكلة إلا الوجبة التامة، سواء تخللها قيام أو اشتغال يسير أو قطعها لعارض ثم رجع إليها؛ لأنه لم يكملها.

وهذا مذهب الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، نصرها ابن القيم، واختارها ابن سعدي (١).

* الوجه الرابع: قول عائشة - رضي الله عنها -: (فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن فيما يقرأ من القرآن) يمثل به الأصوليون لما نسخ لفظه وبقي حكمه، فإن الآية الدالة على أن المحرم خمس رضعات ليست في القرآن الآن، وكلام عائشة - رضي الله عنها - هذا مراد به أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدًّا حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - توفي وبعض الناس يقرأ آية خمس الرضعات، لكونه لم يبلغه النسخ (٢). والله تعالى أعلم.


(١) "المغني" (١١/ ٣١٢)، "زاد المعاد" (٥/ ٥٧٥)، "المختارات الجلية" ص (١١١)، "الاختيارات الجلية" لابن بسام (٢/ ٤١٤).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٩/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>