للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواية عن مالك، حكاها عنه ابن القاسم، وحكى عنه الوليد بن مسلم أنه قال: ما كان بعد الحولين من رضاع شهر أو شهرين أو ثلاثة فهو من الحولين، وما كان بعد ذلك فهو عبث (١). وكان مالكًا لاحظ أن الطفل يحتاج إلى هذه المدة لتحويل غذائه إلى طعام.

والقول الثالث: أن الرضاع المحرم ما كان في ثلاثين شهرًا، وهذا قول أبي حنيفة، لقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] ولم يرد بالحمل حمل الأحشاء؛ لأنه يكون سنتين، فَعُلِمَ أنه أراد الحمل مع مدة الفصال، وكأنه لاحظ احتياج الطفل إلى هذه المدة للتدرج من اللبن إلى الطعام المعتاد (٢).

والقول الرابع: أن العبرة بالفطام (٣)، فما كان قبل الفطام فهو مؤثر ولو كان بعد الحولين، وما كان بعد الفطام فليس بمؤثر ولو في الحولين، وقد صح هذا عن أم سلمة وابن عباس -رضي الله عنهم-، وهو قول جماعة من السلف منهم: الزهري، والحسن، وقتادة، وعكرمة، وأحد قولي الأوزاعي، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٤).

واستدلوا بأثر ابن مسعود المذكور، كما يدل له قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الرضاعة من المجاعة" فإن عمومه يقتضي أنه ما دام الطفل غذاؤه اللبن أن ذلك الرضاع يحرم، فإن فُطم ولو في الحولين لم يكن رضاعه من المجاعة.

كما استدلوا بالنظر؛ لأنه إذا كان الطفل يتغذى بغير اللبن فأي فرق بين من كان في الحولين ومن بعد الحولين؟

وقد تقدم الخلاف في حكم رضاع الكبير، وذكر ابن القيم أن القول


(١) "الاستذكار" (١٨/ ٢٥٨).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ١١٥ - ١١٦).
(٣) "الفروع" (٥/ ٥٧٠).
(٤) "الاستذكار" (١٨/ ٢٥٨)، "زاد المعاد" (٥/ ٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>