للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل ذلك، والواو حالية، وفي رواية: "دعها عنك"، وفي أخرى: "فنهاه عنها".

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن الرضاع يثبت وتترتب عليه أحكامه بشهادة امرأة واحدة، وهذا مذهب الإمام أحمد، وهو قول طاوس، والزهري، والأوزاعي، وآخرين (١).

وذهب الشافعي، وعطاء إلى أنه لا بد من أربع نسوة؛ لأن كل امرأتين في منزلة الرجل الواحد (٢).

وذهب مالك، والحكم بن عتيبة إلى أنه لا يقبل إلا شهادة امرأتين؛ لأن الرجل أكمل شهادة، وإذا كان لا يقبل في الشهادة إلا رجلان فمن باب أولى لا يقبل إلا امرأتان، وهذا القول رواية عن أحمد (٣).

وذهب الحنفية إلى أنه لا يقبل إلا رجلان أو رجل وامرأتان قياسًا للرضاع على غيره (٤)، لعموم قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَينِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢].

والجمهور على عدم العمل بحديث الباب كما تبين، فلا يقبل في الرضاع شهادة امرأة واحدة؛ لأنها شهادة على نفع نفسها، وحملوا الحديث على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره بفراقها من باب الورع، وأن النهي فيه للتنزيه.

وهذا محمل ضعيف، لمخالفته لظاهر الحديث، ولا سيما بعد تكرار السؤال، كما في بعض الروايات، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "دعها عنك"، "كيف وقد قيل" (٥).

فالصواب القول الأول، وهو أن شهادة المرأة الواحدة تقبل في الرضاع ولو كانت هي المرضعة؛ لأن هذه المرأة أثبتت الرضاع، ونفاه عقبة، فاعتمد النبي - صلى الله عليه وسلم - قولها. فحديث الباب نص في محل النزاع، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل


(١) "المغني" (١١/ ٣٤٠).
(٢) "مغني المحتاج" (٣/ ٤٢٤).
(٣) "شرح الخرشي على مختصر خليل" (٤/ ١٨٢).
(٤) "بدائع الصنائع" (٤/ ١٤).
(٥) "نيل الأوطار" (٦/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>