للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهادتها، ولأن الرضاع فعل لا يحصل لها به نفع مقصود، ولا تدفع عنها به ضررًا، فقبلت شهادتها فيه كفعل غيرها، ثم إن الرضاع من الأمور التي لا يطلع عليها إلا النساء في الغالب الكثير، واطلاع الرجال عليه أمر نادر، فكيف ترد شهادتهن فيه والحاجة داعية إلى ذلك؟

وما استدل به المخالف فهو إما عمومات، فيقدم عليها حديث الباب؛ لأنه خاص، أو تعليل لا يقف لمعارضة هذا الحديث الصحيح الصريح.

وقد روى عبد الرزاق بسنده عن ابن شهاب، قال: جاءت امرأة سوداء في إمارة عثمان - رضي الله عنه - إلى ثلاثة أبيات قد تناكحوا، فقالت: أنتم بَنِيَّ وبناتي، ففرق بينهم (١).

وروى -أيضًا- بسنده عن الشعبي، قال: كان القضاة يفرقون بشهادة امرأة في الرضاع (٢).

* الوجه الخامس: في الحديث دليل على قبول شهادة الرقيق إذا كان عدلًا، لقوله: (فجاءت أمة سوداء) ولو لم تكن شهادتها مقبولة ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عقبة بفراق امرأته بناء على شهادتها.

والجمهور على أنه لا تقبل شهادة الرقيق، والصواب مع من قبلها (٣).

* الوجه السادس: في الحديث دليل للقاعدة الشرعية: يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا، وذلك أن شهادة المرأة الواحدة لا تكفي في فسخ النكاح وفي الطلاق، فإذا شهدت بالرضاع ثبت حكمه -عند من يقبل شهادتها- ويترتب على ذلك فسخ النكاح تبعًا له إذا كان قد حصل بين من يحرم اجتماعهما. ومثل ذلك الشهادة بالولادة فإنه يثبت بها النسب، ولا يثبت النسب بشهادتهن استقلالًا.

* الوجه السابع: في الحديث دليل على أنه يجب الإنكار على من حاول البقاء على المحرمات ولو كان عن تأويل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعقبة: "كيف وقد قيل؟ " مع أنه قال: (هي كاذبة). والله تعالى أعلم.


(١) "المصنف" (٧/ ٤٨٢)، والزهري لم يدرك عثمان - رضي الله عنه -، فهو مرسل.
(٢) "المصنف" (٧/ ٤٨٤).
(٣) "فتح الباري" (٥/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>