للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد رواه عن محمد بن عجلان سفيان بن عيينة عند الشافعي وأبي داود والحاكم، وذلك بتقديم الولد على الزوجة كما في هذا السياق، ورواه يحيى القطان، عن محمد بن عجلان عند النسائي بتقديم الزوجة على الولد، وقد يكون هذا الاختلاف من ابن عجلان؛ فإن في حفظه شيئًا.

ويؤيد رواية يحيى حديث جابر - رضي الله عنه - وفيه: (ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا، يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك) (١).

وحديث الباب سنده حسن، ومحمد بن عجلان قال عنه الحافظ في "التقريب": (صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة) وقد وصفه الذهبي بأنه متوسط في الحفظ (٢)، وعلى هذا فلعله حسن الحديث -إن شاء الله- وأما الحاكم فإنه قال: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه) وسكت عنه الذهبي، وهذا فيه نظر بينته هناك في "الزكاة".

* الوجه الثاني: في الحديث دليل على أن الإنسان يبتدئ في موضوع النفقة على الترتيب المذكور في هذا الحديث، فيبدأ بالإنفاق على نفسه، فإن فضل عنده شيء أنفقه على أهله، فإن فضل عنده شيء أنفقه على ولده، ثم على خادمه، وهذا يدل على أن الحقوق وكذا الفضائل إذا تزاحمت أنه يبدأ بالأوكد فالأوكد.

* الوجه الثالث: استدل الفقهاء بهذا الحديث على أن نفقة الأقارب لا تجب على المنفق إلا إذا كان ما ينفقه عليهم فاضلًا عن نفقة نفسه، إما من ماله أو من كسبه، فأما من لا يفضل عنده شيء فليس عليه نفقة، ونفسه مقدمة؛ ولأن النفقة مواساة، فلا تجب على المحتاج، كالزكاة، وعلى هذا فلا تجب النفقة من رأس المال، ولا من ثمن ملك، ولا من قيمة آلة صنعة، كآلة نجارة أو حدادة، فلا نفقة في قيمتها، لحصول الضرر بوجوب الإنفاق من هذه الأشياء، وقيده شيخنا بما إذا لم يحصل ضرر (٣)، وهذا وجيه جدًّا،


(١) "صحيح مسلم" (٩٩٧).
(٢) "الميزان" (٣/ ٦٤٥).
(٣) "السلسبيل" (٣/ ٨٥٢) لشيخنا: صالح بن إبراهيم البليهي رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>