فقد أصبح النكاح متحقق الوجود دخل بها أو لم يدخل؛ ولأنها قد تكون مشغولة بمهام زوجها ومتطلبات الحياة الجديدة.
وقالت المالكية، وهو قول مرجوح عند الحنابلة: إن الحضانة لا تسقط إلا بعد الدخول، ولا تسقط بمجرد العقد على الأم (١)؛ لأن الدخول هو الذي يؤدي إلى انشغال الزوجة، وبسببه تتحول إلى التفرغ لحياتها الزوجية مما يصرفها عن الاهتمام بحضانة الطفل.
والقول الأول أظهر، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:"أنتِ أحق به ما لم تنكحي" وبالعقد يتحقق النكاح، وإنما الدخول من آثار العقد، ومن عُقد عليها صارت زوجة لمن عقد عليها شرعًا.
وتظهر وجاهة هذا القول في زماننا هذا؛ لأن تكاليف الزواج والاستعداد له تقتضي جهدًا ووقتًا من الزوجة وأهلها، فانشغالها عن طفلها أمر ممكن، ثم إن الغالب أن المدة بين العقد والدخول تكون مدة قليلة، فالمقصود أنه إن حصل انشغال عنه أثناء الاستعداد للزواج نُزع منها، وإن لم يحصل شيء من ذلك بقي في حضانتها حتى يتم الدخول.
* الوجه السابع: في الحديث دليل على اعتبار المعاني والعلل وتأثيرها في الأحكام وأن ذلك أمر مستقر في الفطرة السليمة حتى فِطَرِ النساء؛ لأن هذه الأوصاف الثلاثة التي أدلت بها المرأة وجعلتها سببًا لتعليق الحكم بها قد قررها النبي - صلى الله عليه وسلم - ورتب أثرها عليها، ولو كانت أوصافًا غير مقبولة ألغاها. والله تعالى أعلم.
(١) "الإنصاف" (٩/ ٤٢٥)، "الحضانة في الفقه الإسلامي" ص (١٠٤).