للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الثاني: أجمع العلماء على أن الصبي قبل سن التمييز يكون عند أمه ما لم تتزوج -كما تقدم- فإذا بلغ سن التمييز واستقل ببعض شؤونه فإنه يخير بين أبويه، فيذهب مع من اختار منهما، وهذا ما قضى به عمر وعلي وأبو هريرة -رضي الله عنهم-، وقضى به شريح، وهو قول أحمد والشافعي وإسحاق. واستدلوا بحديث الباب (١).

وحددوا سن التمييز بسبع سنوات؛ لأن هذا -في الغالب- هو سن الاستغناء والتمييز، بحيث يتمكن الطفل فيه من الاستغناء عن النساء.

وإن خير فلم يختر واحدًا منهما أو اختارهما معًا قدم أحدهما بالقرعة.

وشرط تخييره أمران:

الأول: أن يكونا جميعًا من أهل الحضانة بحيث تتحقق مصلحة الطفل عند أي واحد منهما، فإذا كان الأب أحفظ للطفل وأغير من الأم قدم عليها، وكذا لو كانت الأم أحفظ من الأب قدمت عليه، ولا عبرة باختيار الصبي في هذه الحال؛ لأنه ضعيف العقل، يؤثر البطالة واللعب، فإذا اختار من يساعده على ذلك فلا عبرة باختياره.

والتخيير ليس قاعدة مطلقة، إنما المطلق هو مصلحة الصغير.

الثاني: أن يكون الغلام عاقلًا، فإن كان معتوهًا فحضانته لأمه؛ لأنها أشفق عليه، وأصبر، وأقوم بمصالحه من أبيه.

وإذا اختار الطفل أباه كان عنده ليلًا ونهارًا، ليحفظه ويعلمه ويؤدبه، ولا يمنعه من زيارة أمه، وإن اختار أمه كان عندها ليلًا وعند أبيه نهارًا ليعلمه ويربيه.

وإذا مرض الولد المميز ذكرًا كان أو أنثى تمرضه أمه في بيتها حتى ولو لم تكن حاضنته، لما تقدم.

وذهبت الحنفية والمالكية إلى عدم التخيير، وقالوا: إنه بعد التمييز يكون


(١) "المغني" (١١/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>