للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأب؛ لأنه لا يوثق به في أداء الواجب من الحضانة، ولا حظ للمحضون في حضانته؛ لأنه يتأثر به، وينشأ على طريقته، وهو قول الجمهور، ويرى ابن القيم أن الفسق لا أثر له على حق الحضانة، وأن اشتراط العدالة في الحاضن في غاية البعد؛ لأنه لو اشترط ذلك -في رأيه- لأفضى إلى ضياع أطفال العالم، ولكانت المشقة عظيمة على الأمة؛ لأنه منذ مجيء الإسلام والفساق يحضنون أبناءهم، ولم نسمع أن تعرض لهم أحد يحاول انتزاع أبنائهم، وقد استطرد ابن القيم في تعليله قائلًا: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يثبت عنه أنه منع فاسقًا من تربية ابنه وحضانته، ولا كذلك ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم -" (١).

ولو روعي التفريق بين بداية حياة الطفل وعدم فهمه وإدراكه لما هو فسق أو فجور فلا يؤثر الفسق على حق الحضانة، وبين المرحلة التي تليها، وهي التي يتأثر فيها المحضون فَيُمنع الفاسق، لما كان ذلك بعيدًا، كما تقول به الحنفية، ولو قيل: إن الفسق يمنع الحضانة إذا كان يضيع به الولد -ولا سيما في زماننا هذا- لكان وجيهًا، وتحديد ذلك يُرجع فيه إلى القاضي. والله تعالى أعلم.


(١) "زاد المعاد" (٥/ ٤٦٢)، "الحضانة في الفقه الإسلامي" ص (٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>