للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)} [النساء: ٩٣].

وهذه الأمور الثلاثة سيأتي تفصيلها -إن شاء الله تعالى- عند أحاديثها، منها: ما في هذا الباب، ومنها ما هو في الأبواب القادمة.

° الوجه الرابع: مفهوم قوله: "إلَّا بإحدى ثلاث" أنَّه لا يحل إراقة دم المسلم بغير هذه الثلاث، وقد جاء ما يدل على أنَّه يحل بغيرها، فيكون عموم هذا المفهوم مخصصًا بما ورد من الأدلة الدّالة على أنَّه يحل دم المسلم بغير الأمور المذكورة، ومنهم من قال: إن ما ورد من الأدلة الأخرى يمكن رده إلى حديث ابن مسعود -رَضِيَ اللهَ عَنْهُ- (١).

° الوجه الخامس: في الحديث دليل على أنَّه لا بد في صحة إسلام المرء من نطقه بالشهادتين: لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جعلهما كالتفسير والوصف للمسلم، وذلك لا يعرف إلَّا بالتلفظ والاتصاف.

° الوجه السادس: استدل جماعة من أهل العلم بهذا الحديث على أن تارك الصَّلاة كسلًا لا يقتل، وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة، وقول المزني من الشَّافعية، والزهري وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وداود بن علي (٢)؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حصر إهدار دم المرء المسلم في هذه الثلاثة بلفظ النفي والاستثناء، وتركُ الصَّلاة ليس واحدًا منها.

وأجيب عن ذلك بجوابين:

الأوَّل: أن هذا الحديث عام خصصته الأحاديث الدّالة على وجوب قتل تارك الصَّلاة (٣)، ومنها: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل النَّاس حتَّى يشهدوا أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصَّلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم إلَّا بحق


(١) "جامع العلوم والحكم" حديث (١٤)، "نيل الأوطار" (٧/ ٧).
(٢) "الصَّلاة" لابن القيِّم عن (١٧).
(٣) "المغني" (٣/ ٣٥٣)، "المجموع" (٣/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>