قوله:(فيحارب الله ورسوله) المراد بالمحاربة هنا: المضادة والمخالفة والمناقضة، وهي صادقة على الكفر وعلى قطع الطَّريق وإخافة السبيل، لكن قوله:"فيقتل … " يؤيد أن المراد به المحارب، فإن ما ذكر هنا هو الذي أمر الله به في حق المحاربين (١).
قوله:(يصلب) الصلب: تعليق الإنسان للقتل على جذع ونحوه.
قوله:(أو ينفى من الأرض) النفي من الأرض: هو الجلاء والإخراج منها، والمراد هنا: أن يبعد من بلده إلى بلد آخر.
° الوجه الثالث: في الحديث دليل على عصمة دم المسلم؛ وأنَّه لا يحل دمه إلَّا إذا ارتكب واحدًا من هذه الخصال الثلاث، وهي:
١ - الزنا بعد الإحصان، بخلاف البكر، فإنَّه يجلد ويغرب ولا يرجم.
٢ - قتل النَّفس عمدًا عدوانًا، لقوله تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة: ٤٥]، وقوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩] وعموم الحديث يدل على أنَّه يقتل الحر بالعبد، والرجل بالمرأة، والمسلم بالكافر، وسيأتي الكلام في ذلك.
٣ - الارتداد عن دين الله تعالى.
فمن فعل واحدة من هذه الثلاث استحق عقوبة القتل؛ إمَّا كفرًا وهو المرتد، وإما حدًّا وهما: الزاني والقاتل، وذلك لما في قتله من المصالح العظيمة، وهي حفظ الأنساب والنفوس والأديان.
والأصل في الدماء العصمة شرعًا وعقلًا، أما عقلًا فلأن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ليؤدي دوره في هذه الحياة، وفي القتل إبادة له وحرمان له من الحياة، وإفساد لهذه الصورة الإنسانية.