للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا قول الجمهور من الشَّافعية والحنابلة والظاهرية (١).

وقد جاءت دلالة الحديث من جهة المنطوق والمفهوم، أما المنطوق فمن قوله: "ولا يقتل مسلم بكافر" والكافر لفظ عام، يشمل كل كافر حربيًّا أم ذميًّا أم مستأمنًا، وأمَّا المفهوم فقوله في رواية قيس بن عباد: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم" فإن مفهومه أن دماء غير المسلمين لا تكافئ ولا تساوي دماء المؤمنين، وعليه فلا قصاص من المسلم للكافر، ويؤيد ذلك أن الله تعالى نفى التساوي بين المؤمنين والكافرين، فقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥)} [القلم: ٣٥] وإذا انتفى التساوي والتكافؤ بين الفريقين انتفى وجوب القصاص المبني على المماثلة والمساواة.

والقول الثَّاني: أنَّه يجب القصاص على المسلم إذا قتل ذميًّا عمدًا عدوانًا، وهو قول أبي حنيفة (٢)، لعموم الأدلة التي دلت على مشروعية القصاص، كقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] ولحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - السابق، وفيه: "والنفس بالنفس"، وحملوا حديث الباب على الحربي.

والقول الثالث: أنَّه يجب القصاص على المسلم إذا قتل ذميًّا غِيلَة، وهو قول المالكيّة، ولهم تفسيرات عديدة لقتل الغيلة، ومنها: أن يضجعه فيذبحه وبخاصة على ماله، وقيل: هي الغدر، وهي أن يقتله على زوجته أو ماله، وقيل: أن يخدعه حتَّى يدخله موضعًا ويأخذ ما معه، وقيل: غير ذلك (٣).

واستدلوا بما ورد عن عبد الله بن يعقوب، عن عبد الله بن عبد العزيز بن صالح الحضرمي، أنَّه قال: (قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر مسلمًا بكافر قتله غيلة) (٤).


(١) "المهذب" (٢/ ١٧٣)، "المحلّى" (١٢/ ١١)، "المغني" (١١/ ٤٦٥).
(٢) "بدائع الصنائع" (٧/ ٣٧).
(٣) انظر: "بداية المجتهد" (٤/ ٣٠٠)، "عقوبة الإعدام" ص (٢١٣).
(٤) "المراسيل" لأبي داود (٢٤٢)، وسنده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>