للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والراجح هو القول الأوَّل، لقوة أدلته وصراحتها في الدلالة على المراد، وأما أدلة أصحاب القول الثَّاني فهي عامة تخصص بما ورد من أنَّه لا يقتل مسلم بكافر، وأمَّا دليل المالكيّة فهو ضعيف؛ لأنَّه مرسل مسلسل بالمجاهيل، فلا تقوم به حجة.

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على أنَّه لا يجوز قتل المعاهد في مدة عهده، وذلك وفاء بالعهد الذي أعطي للمعاهدين، وأصبحوا بموجبه معصومي الدم، ما داموا قائمين بالعهد غير ناقضين إياه، ومن قتل معاهدًا لم يقتص منه على قول الجمهور، لكن عليه الدية، وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنَّة" (١).

° الوجه الخامس: الحديث دليل على أن المسلم الواحد إذا أمَّن حربيًّا صار أمانه ساريًا على عموم المسلمين، فيجب احترام أمانه ولا يحل هتك عهده وعقده، ولو كان الذي أمَّنه عبد أو امرأة ونحوهما. فإذا قال: أَمّنِّي حتَّى أكلم الأمير، أو اتصل بفلان أو نحو ذلك، فأمنه لم يجز قتله حتَّى يُرَدَّ إلى مأمنه، وفي حديث أم هانئ - رضي الله عنها - أنَّها قالت: يا رسول الله زعم ابن أمي على أنَّه قاتل رجلًا قد أجرته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أجرنا من أجرت يا أُمَّ هانئ" (٢).

° الوجه السادس: في الحديث دليل على تساوي المسلمين في القصاص والدية، فلا فرق بين شريف ووضيع، أو صغير وكبير، وليس أحد أفضل من أحد لا في نسب ولا جنس ولا لون، بل هم أمام الحق سواء، وهذا بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من المفاضلة وعدم المساواة.

° الوجه السابع: في الحديث دليل على وجوب العمل على فِكاك الأسير المسلم والسعي إلى تخليصه من الأسر، وقد ورد الأمر بذلك والترغيب فيه،


(١) رواه البُخاريّ (٣١٦٦)، وسيأتي شرحه إن شاء الله في آخر "الجهاد".
(٢) رواه البُخاريّ (٣١٧١)، ومسلم (١/ ٤٩٨) رقم (٨٢)، وسيأتي شرحه إن شاء الله في "الجهاد".

<<  <  ج: ص:  >  >>