للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فسألوها) في رواية "الصحيحين": (فجيء بها إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبها رمق، فقال لها: "أقتلك فلان؟ ") وهذا يبين أن السائل هو النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: (فلان، فلان) بحذف همزة الاستفهام، وقد جاء في "الصحيحين" سبب القتل: (أن يهوديًّا قتل جارية على أوضاح لها)، وفي رواية: (خرجت جارية عليها أوضاح بالمدينة، فرماها يهودي بحجر … ) وقوله: (على أوضاح) أي: بسبب أوضاح، وهي حلي الفضة، سميت بذلك لبياضها.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن الرجل يُقتل بالمرأة، وهذا قول جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة (١).

وهذا الحديث نص في الموضوع، ولا يقال: إنَّه يحتمل أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قتله لنقضه العهد؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قتله قصاصًا حيث رضي رأسه بين حجرين، ولو كان قتله لنقضه العهد لقتله بالسيف (٢).

واستدلوا -أيضًا- بعموم الآيات الموجبة للقصاص، كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] وقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] ولم تفرق هذه الآيات بين الرجل والمرأة، كما يستدل لذلك بحديث عمرو بن حزم الآتي في أول "الديات"، وفيه: "وأن الرجل يقتل بالمرأة".

وذهب الحسن البصري وعكرمة وعطاء إلى أنَّه لا يجب القصاص على الرجل إذا قتل المرأة، وإنَّما تجب الدية، واستدلوا بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}.

ووجه الاستدلال: أن الله تعالى قابل الحر بمثله، والعبد بمثله، والأنثى بمثلها في القصاص، فدل على أن كل فرد لا يقتل إلَّا بما يماثله، وإلا لم يكن لهذه المقابلة معنى.


(١) "بدائع الصنائع" (٧/ ٢٣٤)، "المهذب" (٢/ ٢٢١)، "بداية المجتهد" (٤/ ٣٠٢)، "المغني" (١١/ ٥٠٠).
(٢) "الشَّرح الممتع" (١٤/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>