للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما استدلوا بقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] قالوا: ولأن القصاص بني على المماثلة والمساواة ولذا سمي قصاصًا، فشرع فيه المماثلة، بجعل الجزاء من جنس الجناية.

وعند هؤلاء يجوز العدول عن المماثلة إلى السيف؛ لأنَّه أسرع وأسهل.

ويستثنى من ذلك ما إذا وقع القتل بوسيلة محرمة كاللواط أو السحر أو نحو ذلك، فإنَّه لا يقتل بمثله؛ لأنَّ هذا الفعل محرم لعينه، فوجب العدول عنه وتحريم تعاطيه.

والقول الثَّاني: أن عقوبة القصاص لا تنفذ إلَّا بالسيف سواء وقعت الجناية به أو بغيره، وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن أحمد (١).

واستدلوا بأحاديث، ومنها: حديث النُّعمان بن بشير - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا قود إلَّا بالسيف" (٢)؛ ولأن السيف أمضى الآلات وأسرع في إزهاق روح الجاني؛ لئلا يقع الحيف والظلم عليه، ولا يؤمن ذلك إلَّا إذا كان التنفيذ بالسيف.

والظاهر في هذه المسألة أنَّه إذا كان المقصود إزهاق نفس الجاني وأن ذلك يكون بأسرع آلة فلا مانع أن يترك ذلك للإمام أو من ينيبه، فله أن يختار أيَّ آلة تكون أسرع من السيف وأقل إيلامًا (٣).

° الوجه السادس: في الحديث دليل على جواز العمل بالإشارة وأنها معتبرة في الدعاوى وغيرها، لكن لا يعمل بها، بل ترشد إلى المطلوب، ولهذا ذكر جمهور الفقهاء أن القتل لا يثبت بمجرد قول المجروح على


(١) "بدائع الصنائع" (٧/ ٢٤٥)، "الإنصاف" (٩/ ٤٩٠).
(٢) رواه ابن ماجة (٢/ ٨٨٩) من طريق جابر الجعفي، عن أبي عازب، عن النُّعمان بن بشير - رضي الله عنه -، وهذا سند ضعيف جدًّا، أبو عازب لا يعرف، وجابر الجعفي متهم بالكذب.
(٣) "التّشريع الجنائي" (١/ ٧٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>