للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن القصاص هو حكم الله تعالى وشرعه، فيجب تنفيذه على الجاني، إلَّا إذا عفا صاحب الحق، ولا يعتبر هذا تعطيلًا لحكم الله تعالى؛ لأنَّ القصاص مَحْضُ حَقِّ آدمي.

° الوجه الخامس: الحديث دليل على جواز الاستشفاع والسعي في قبول التنازل عن القصاص عند أهل المجني عليه، وأن هذا ليس من باب الشفاعة في الحدود بعد رفعها إلى السلطان.

° الوجه السادس: جواز الحلف على ما يُظن وقوعه، وهذا على أحد القولين. وسأذكر الكلام في هذه المسألة -إن شاء الله- في كتاب "الإيمان والنذور".

° الوجه السابع: استدل الأصوليون بهذا الحديث على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد نسخه، والمراد أنَّه شرع لنا من حيث إنَّه وارد في كتابنا أو سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، لا من حيث إنَّه كان شرعًا لمن كان قبلنا.

ووجه الاستدلال: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كتابُ الله القصاصُ" وليس في كتاب الله تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} إلَّا ما حكي عن التوراة في قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا} فدل على أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قضى بحكم التوراة، بدليل أنَّه ذكر الآية، ولو كان حكمًا ابتدأه ما ذكرها.

والظاهر أن الخلاف بين الأصوليين في هذه المسألة لفظي؛ لأنَّ القائلين به لا يعتبرونه دليلًا مستقلًا، وإنَّما هو راجع إلى الكتاب أو السنة، ومن لا يرى حجيته فإنَّه يعمل به؛ لوروده في الكتاب والسنة، لا لأنه شرع لمن قبلنا (١).

° الوجه الثامن: قال القرطبي: (فيه دليل على كرامات الأولياء)، وذلك أن في الحديث منقبة عظيمة لأنس بن النضر - رضي الله عنه -، وأنَّه من عباد الله تعالى الذين يسمع الله نداءهم، ويجيب دعاءهم، ويحقق لهم مطلوبهم.

° الوجه التاسع: جواز الثّناء على بعض عباد الله الصَّالحين في حضورهم إذا أُمنت الفتنة في ذلك. والله تعالى أعلم.


(١) "تيسير الوصول" للمؤلف ص (٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>