للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثَّاني: الأمن من الحيف، وذلك بأن يمكن الاستيفاء من سن الجاني بلا حيف، ويتم ذلك في السن بأن يبرد من سن الجاني بنسبة ما كسره من سن المجني عليه، كالنصف مثلًا، قال أبو داود في "سننه": (سمعت أحمد بن حنبل قيل له: كيف يُقتص من السن؟ قال: تُبرد) (١).

وذهب الشَّافعي إلى عدم مشروعية القصاص في السنن، لعدم إمكان المماثلة (٢).

والصَّواب الأوَّل؛ لأنَّ حديث الباب نص في الموضوع، والمماثلة ممكنة، ولا سيما في زماننا هذا.

أما العظام غير السن فإن كانت عظام الرأس فلا قصاص بالإجماع؛ لما يخشى في القصاص من تلف الجاني.

وأمَّا عظام بقية البدن ففيها ثلاثة أقوال:

القول الأوَّل: أن فيها القصاص، وهذا رأي ابن حزم (٣)، لعموم الآيات الدّالة على معاملة الجاني بمثل ما فعل، وحديث أنس هذا: "كتابُ الله القصاص" وهو عام.

والقول الثَّاني: أن فيها القصاص إلَّا ما كان مخوفًا، مثل الفخذ والصلب وعظم الرقبة والصدر، ففيها الدية، وهذا قول مالك وابن المنذر (٤)، للعمومات السابقة.

والقول الثالث: أنَّه لا قصاص فيها، وهو قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة (٥)، بل الدية، لعدم المماثلة؛ ولأنَّه لا يؤمن من الحيف.

والقول الثَّاني قوي، لا سيما في زماننا هذا.


(١) "السنن" (٤/ ١٩٧).
(٢) "روضة الطالبين" (٩/ ١٩٨)، "مغني المحتاج" (٤/ ٣٥).
(٣) "المحلى" (١٢/ ١١٠).
(٤) "الكافي" (٢/ ٣٩٠)، "تفسير القرطبي" (٦/ ٢٠٢).
(٥) "بدائع الصنائع" (٧/ ٢٩٨)، "المهذب" (٢/ ١٧٩)، "المبدع" (٨/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>