للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (يا أنس كتابُ الله القصاصُ) أي: يا أنس شَرْعُ الله تعالى وحكمه يثبت لهم القصاص، وقد يكون ذلك إشارة إلى قوله تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينافيه.

وكتاب الله: مبتدأ، والقصاص: خبر.

قوله: (فعفوا) أي: على الدية، بدليل رواية البُخاريّ في "التفسير" من طريق الفَزَاريُّ، عن حميد: (فرضي القوم، وقبلو الأرش) (١).

قوله: (إن من عباد الله … ) أي: إن بعض عباد الله لا يخيب الله رجاءهم ولا يرد دعاءهم، ومنهم أنس بن النضر - رضي الله عنه -، وإنَّما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأنَّ أنس بن النضر أقسم على نفي فعل غيره وهو القصاص مع إصرار ذلك الغير على إيقاع ذلك، فكان قضية ذلك في العادة أن يحنث أنس في يمينه، فألهم الله تعالى الغير العفو، فبرَّ قسم أنس - رضي الله عنه -.

قوله: (لأبرَّه) أي: لا يُحَنِّثه، بل يبر قسمه ويعطيه مطلوبه لكرامته عليه.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على ثبوت القصاص في السن إذا كانت الجناية عمدًا، وهذا هو نص القرآن، فإن كانت الجناية على السن بكاملها، فهذا مأخوذ من قوله تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}، وقد ثبت الإجماع على قلع السن بالسن بالعمد (٢)، وأمَّا كسر السن فقد دل هذا الحديث على ثبوت القصاص فيه، وهو قول الجمهور، وبه قطع الشَّافعية إذا أمكن (٣).

وشرط ذلك أمران:

الأوَّل: المماثلة، فالثنية بالثنية، والرباعية بمثلها، والعليا بالعليا، وكذا السفلى.


(١) "صحيح البُخاريّ" (٤٦١١).
(٢) "مراتب الإجماع" ص (١٣٨)، "المغني" (١١/ ٥٥٣).
(٣) "بدائع الصنائع" (٧/ ٣٠٨)، "الكافي"لابن عبد البر (٢/ ٣٩٠)، "المغني" (١١/ ٥٥٤)، "المهذب" (٢/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>