للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك؛ لأنَّه دم معصوم لا يضيع هدرًا، فتكون الدية في بيت المال في كل حالة لا يبقى فيها سبيل للثبوت على غير بيت المال.

والقول الثَّاني: أن ديته تجب على جميع من حضر، وذلك لأنَّه مات بفعلهم، فلا يتعداهم إلى غيرهم، وهذا قول الحسن.

والقول الثالث: أنَّه هدر؛ لأنَّه إذا لم يوجد قاتله بعينه استحال أن يؤخذ به أحد، وهو قول مالك (١)، والقول الأوَّل أرجح، لقوة مأخذه، ولأنَّه قول علي - رضي الله عنه - (٢).

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن قتل العمد يوجب القصاص، وقتل العمد: أن يَقْصِدَ آدميًّا معصومًا فيقتله بما يغلب على الظن موته به، وله صور وأمثلة محلها كتب الفقه.

° الوجه الخامس: في الحديث دليل على أنَّه لا يحل لمسلم أن يحول دون استيفاء القصاص أو الدية بأن يحمي الجاني، أو يكون سببًا في ذلك، وأن هذا من الكبائر، والواجب على المؤمن أن يكون عونًا للحق ولو كان أهل الحق ضعيفين أو أعداء له فالحق أحق بالأخذ والاتباع.

والواجب على ولاة الأمور وعلى القضاة إنفاذ الحق وإيصاله إلى مستحقه، وأن يحذروا التساهل أو قبول الشفاعات التي تمنع الحق أو السماح لمن يقف بهذا الطَّريق ولو كان عظيمًا، ومن حال دون تنفيذ الحق بشفاعة أو قوة فقد تعرض لغضب الله تعالى ولعنته، وقد أنكر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أسامة بن زيد في شأن المخزومية، وقال: "أتشفع في حد من حدود الله … " (٣). والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "معالم السنن" (٦/ ٣٤٥)، "فتح الباري" (١٢/ ٢١٨)، "دقائق أولي النهى" (٦/ ١٦٣).
(٢) انظر: "مصنف عبد الرَّزاق" (١٠/ ٥١).
(٣) رواه البُخاريّ (١٦٨٨)، ومسلم (١٦٨٨)، وسيأتي شرحه في باب "حد السرقة" إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>