للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث، فكيف إذا أرسله؟!) (١)، وقد روي مرسلًا -أيضًا- من طرق أخرى (٢).

وروي موصولًا، فقد رواه الدارقطني (٣/ ١٣٤) من طريق إبراهيم بن محمَّد الأسلمي، عن ربيعة، عن ابن البيلماني، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلمًا بمعاهد، وقال: "أنا أكرم من وفى بذمته".

وهذا إسناد واهٍ -كما قال الحافظ- آفته إبراهيم الأسلمي، فهو متروك، كما قال النَّسائيّ والدارقطني (٣). قال الدارقطني عقب الحديث: (والصَّواب عن ربيعة، عن ابن البيلماني مرسلًا عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -).

وإذا كان مرسل الثقات من قبيل الضعيف، فكيف بمرسل الضعفاء والمتروكين، هذا من جهة الإسناد، وأمَّا من جهة المتن ففيه نكارة؛ لأنَّه مخالف للحديث الصَّحيح المتقدم: "لا يقتل مسلم بكافر" على أن لفظ الكافر لفظ عام.

ولعل الحافظ ذكر الحديث لبيان حاله، وليعرف طالب العلم أن الحديث لا أصل له، وأن في الباب حديثًا مخالفًا للصواب، ولو أسقطه كما فعل ابن دقيق العيد في "الإلمام" وابن عبد الهادي في "المحرر" لكان أولى.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز قتل المسلم بالكافر المعاهد، وأن المعاهد في ذمة إمام المسلمين، وفي ذمة المسلمين جميعًا.

والمعاهد -بفتح الهاء، وقيل: بكسرها-: هو الكافر الذي أُعطي العهد والأمان، فحرم قتله أو أسره أو رقه، قال الحافظ: (المراد به من له عهد مع المسلمين، سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من مسلم) (٤).


(١) "السنن" (٣/ ١٣٥).
(٢) انظر: "المراسيل" لأبي داود ص (٣٢٨)، "المصنف" لابن أبي شيبة (٩/ ٢٩٠)، "العلل" للدارقطني (١٤/ ٦٩)، "السنن الكبرى" للبيهقي (٨/ ٣٠).
(٣) "سنن الدارقطني" (٣/ ١٣٥)، "تهذيب التهذيب" (١/ ١٣٧).
(٤) "فتح الباري" (١٢/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>