للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على شدة هذه الجرائم الثلاث، ووصف صاحبها بأنه أشد النَّاس عتوًا وتجبرًا، وهذا يدل على فساد طبعه وخبث طويته حيث ارتكب واحدة من هذه الأمور العظيمة.

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على عظم شأن المعصية في حرم الله تعالى، ومن ذلك الإقدام على جريمة القتل، والقتل في حد ذاته أعظم الذنوب بعد الشرك بالله تعالى، ويعظم أمره إذا كان في حرم الله تعالى، قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥] وقد أخرج الإمام أحمد بسنده عن شعبة، عن السدي، أنَّه سمع مُرَّةَ بن شراحيل أنَّه سمع عبد الله- قال لي شعبة: ورفعه، ولا أرفعه لك- يقول: في قوله -عزَّ وجلَّ -: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} قال: (ولو أن رجلًا همَّ فيه بإلحاد وهو بِعَدِنَ أَبْيَنَ لأذاقه الله - عزَّ وجلَّ - عذابًا أليمًا) (١).

وقد استثنى العلماء من تحريم القتل والقتال في الحرم حالتين:

١ - القتال مدافعة، فيجوز لمن اعتدى عليه أحد داخل حدود الحرم أن يقاتله مدافعة إذا لم يندفع بدون ذلك.

٢ - قتل من جنى في الحرم جناية تُحِل قتله، مثل القاتل عمدًا، والزاني المحصن إذا تمت الشروط (٢).

وظاهر الحديث أنَّه عام في حرم مكّة وحرم المدينة، وقد ورد الحديث في غزوة الفتح عندما قُتل رجل في المزدلفة، كما جاء في بعض الرِّوايات (٣)، لكن هذا لا يقتضي تخصيص الحديث به؛ لما علم من أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إلَّا أن يقال: إن الإضافة في قوله: (حَرَمِ الله) عهدية، والمعهود حرم مكّة.


(١) "المسند" (٧/ ١٥٥) وسنده حسن، وقد روي مرفوعًا، انظر: "العلل" للدارقطني (٥/ ٢٦٨)، "الاقتضاء" (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، "تفسير ابن كثير" (٥/ ٤٠٧).
(٢) "تنبيه الأفهام" (٣/ ١٣٠).
(٣) انظر: "فتح الباري" (١٢/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>