للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذهب الإمام الشَّافعي وأحمد إلى أن الدية تغلظ على القاتل إذا قتل في البلد الحرام، أو قتل في الأشهر الحرم، أو قتل ذا رحم (١).

وهذا ليس عليه دليل مرفوع، وإنَّما ورد آثار عن الصّحابة كعمر وابن عباس -رضي الله عنهم-، وأسانيدها ضعيفة (٢)، فالظاهر أن الدية مائة من الإبل مطلقًا إلَّا ما جاء فيه الدليل، كما تقدم.

° الوجه الخامس: في الحديث دليل على أنَّه لا يجوز لولي الدم المسفوك عمدًا أن يقتل غير قاتل وليّه، وأن من فعل ذلك فهو أبغض النَّاس إلى الله تعالى؛ لأنَّ الجاني لا يجني إلَّا على نفسه، قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]، وقال تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] أي: سلطة على القاتل؛ لأنَّه بالخيار إن شاء قتله قودًا، وإن شاء عفا عنه إلى الدية، وإن شاء عفا عنه مجانًا، كما تقدم، {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} بأن يمثل بقتل القاتل، أو يقتص من غير القاتل، أو يقتل غيره (٣).

° الوجه السادس: تعظيم شأن القتل من أجل عداوات الجاهلية وثأرها التي قضى عليها الإسلام وأبطلها وأنَّه لا قصاص فيها، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع يوم عرفة: "ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة … الحديث" (٤).

° الوجه السابع: الحديث دليل على أن المسلم منهي عن التشبه بأفعال الجاهليين الخاصة بهم من عبادات أو عادات، إلَّا ما دلَّ النَّصُّ الشرعي عليه (٥)، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (هذا نصّ عام يوجب تحريم متابعة كل شيء من سنن الجاهلية، في أعيادهم وغير أعيادهم) (٦) والله تعالى أعلم.


(١) "الأم" (٧/ ٢٧٨)، "بداية المجتهد" (٤/ ٣٣٨)، "المغني" (١٢/ ٢٣).
(٢) راجع: "الإرواء" (٧/ ٣١٠).
(٣) "تفسير ابن كثير" (٥/ ٧٠ - ٧١).
(٤) رواه مسلم (١٢١٨) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(٥) انظر: "التشبه المنهي عنه" ص (٥٩، ١٣٥).
(٦) انظر: "الاقتضاء" (١/ ٢٢٦ - ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>