للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالتحديث، فبقيت العلة في عنعنة ابن جريج، وبقي أمر آخر وهو أن التِّرمذيَّ قد نقل في "العلل" عن البُخاريّ -كما تقدم- أنَّه قال: (ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب) (١).

قال أبو داود: (هذا لم يروه -أي: مسندًا- إلَّا الوليد لا ندري أصحيح هو أم لا؟)، وقال الدارقطني: (لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم، وغيره يرويه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرسلًا عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) ولا شك أن هذا إعلال للحديث؛ لأنَّ تفرد الوليد بن مسلم بإسناده غير مقبول من مثله عن ابن جريج، فهذا الإسناد ضعيف، وله شاهد من رواية عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز حدثني بعض الوفد الذين قدموا على أبي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك فأعنت، فهو ضامن" رواه أبو داود (٤٥٨٧)، وهذا سند مرسل، وفيه جهالة المُرْسِلِ، وقد يكون مرجع حديث ابن جريج إلى هذا، فلا يتقوى به.

° الوجه الثَّاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (من تطبب) صيغة تفعل تستعمل في معنى تَكَلُّفِ الشيء، مثل تجمل، وتصبر، ومعناه: تكلف الطب وتعاطاه، فداوى مريضًا ولم يكن عارفًا له.

قوله: (فأصاب نفسًا فما دونها) أي: فأهلك نفس المريض أو أتلف شيئًا منه، والحديث شامل لطب الأدوية والجراحة وتوابع ذلك.

قوله: (فهو ضامن) أي: لما أتلفه.

° الوجه الثالث: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على أن من ادعى لهم الطب وليس بعالم فيه فغرَّ النَّاس وعالجهم فأتلف بعلاجه إنسانًا فمات من علاجه أو أتلف بعض أعضائه فإنَّه ضامن لما أتلف، وتجب عليه الدية؛ لأنَّه متعد.


(١) (١/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>