للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا الكافر غير الكتابي كالوثني المستأمن أو المجوسي، ففي مقدار ديته ثلاثة أقوال:

القول الأوَّل: أن ديته ثمانمائة درهم؛ أي: ثلثا عشر دية المسلم، وهو قول عمر وعثمان وابن مسعود - رضي الله عنهم - وجماعة من السلف، وهو قول الحنابلة، والشافعية.

والقول الثَّاني: أن دية الكافر مثل دية المؤمن، وهو قول الحنفية، كما تقدم.

والقول الثالث: أنَّها نصف دية المسلم مثل ما تقدم في دية الكتابي، وهذا قول عمر بن عبد العزيز وعروة بن الزُّبير، واختاره الشوكاني وابن باز وابن عثيمين (١)، لما جاء في بعض الرِّوايات: "عقل الكافر نصف عقل المؤمن" (٢)، وهذا عام يشمل الكتابي وغيره، وتخصيص الكتابي في بعض الرِّوايات لا يقتضي تخصيص الحكم؛ لأنَّه فرد من أفراد العام، ومجيء الخاص بحكم العام لا يقتضي التخصيص، كما في الأصول، ويؤيد ذلك أن الكفر نقص مؤثر، فالتنصيف قوي.

° الوجه الرابع: استدل بهذا الحديث من قال بأن دية جراح المرأة مثل دية جراح الرجل حتى تبلغ الثُّلث من ديته، فإذا جاوز الثُّلث فعلى النصف من ديته، بمعنى أن الجناية التي توجب ثلث الدية تكون هي والرجل سواء، وحديث الباب نص في ذلك، فيقدم على ما سواه، وعلى هذا فإذا قطع إصبع امرأة ففيه عشر من الإبل، وفي إصبعين عشرون، وفي ثلاثة ثلاثون، وفي أربعة أصابع عشرون نصف دية الرجل.

وهذا قول المالكيّة والحنابلة والشَّافعيّ في القديم، وهو قول سعيد بن


(١) "المهذب" (٢/ ٢٥٢)، "المغني" (١٢/ ٥١)، "نيل الأوطار" (٧/ ٧٥)، "الشَّرح الممتع" (١٤/ ١٣١).
(٢) رواه التِّرمذيُّ (١٤١٣)، والنَّسائيُّ (٨/ ٤٥) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ورواه أحمد (١١/ ٢٨٨) بلفظ: "دية الكافر نصف دية المسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>