للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين)، وهذا قول مالك وأحمد، قال الخطابي: (ليس في دية أهل الكتاب أبينُ من هذا) (١)، إلَّا أن أحمد قال: تضعف الدية على المسلم إذا قتل الذمي أو المستأمن عمدًا، من باب التعزير، فتكون ديته مثل دية المسلم (٢)، ودليل ذلك فعل عثمان - رضي الله عنه - (٣).

وجمهور أهل العلم على أن دية الذمي لا تضاعف بالقتل العمد؛ لعموم الأدلة، ولذا قال الشوكاني: (ما ذهب إليه أحمد من التفصيل باعتبار العمد والخطأ فليس عليه دليل) (٤) لكن لو لم يكن في قول أحمد إلَّا اتباع الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - لكفى.

والقول الثَّاني: أن دية الكتابي ثلث دية المسلم في الخطأ العمد، وهذا قول الشَّافعي وإسحاق (٥)، ودليلهم قضاء عمر وعثمان - رضي الله عنهما - في دية اليهودي والنصراني بثلث دية المسلم (٦).

والقول الثالث: أن دية غير المسلم سواء كان كتابيًا أو غير كتابي كدية المسلم في الخطأ والعمد، وهذا مذهب الحنفية وجماعة من السلف (٧)، لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَينَكُمْ وَبَينَهُمْ مِيثَاقٌ} أي: ذمة وهدنة {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] فذكر أنَّها دية، كما ذكر ذلك في المؤمن، والأصل عدم الفرق حتَّى يثبت دليل صحيح على ذلك.

والقول الأوَّل أرجح لقوة دليله، والأحاديث الواردة في هذا الباب تبيّن المراد من الآية.


(١) "معالم السنن" (٦/ ٣٧٤).
(٢) "المغني" (١٢/ ٥٤).
(٣) "مصنف عبد الرَّزاق" (١٠/ ٩٦).
(٤) "نيل الأوطار" (٧/ ٧٥).
(٥) "الأم" (٧/ ٢٥٩).
(٦) "مصنف عبد الرزاق" (١٠/ ٩٢ - ٩٣)، "مصنف ابن أبي شيبة" (٩/ ٢٨٨).
(٧) "المغني" (١٢/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>