° الوجه الثامن: في الحديث دليل على أن المشتركين في طلب حق ينبغي لهم أن يقدموا للكلام واحدًا منهم؛ لأن هذا نوع من الأدب مع المتحدث معه، وفيه تنظيم للأمر، وأحقهم أسنهم إذا كان فيه أهلية لذلك.
° الوجه التاسع: في الحديث دليل على أن موجب القسامة هو القود، وهو قول الأكثرين، لقوله:"أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم".
والقول الثاني: أن القسامة توجب الدية ولا توجب القصاص، وهو قول الحنفية، والشافعية في الجديد، وجماعة من الصحابة والتابعين (١).
واستدلوا بقوله:"إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب" وهذا حصر بين أمرين لا ثالث لهما وهو القصاص.
والقول الأول أرجح لقوة مأخذه، ويؤيده المعنى، فإن ردع المجرمين وصيانة الدماء واستقرار الأمن إنما يكون في القسامة على الوجه الذي صحت به الآثار، وأما غرامة الدية فأمر ميسور عند أرباب الفساد.
وأما أدلة القائلين بالدية فهي إما مؤولة؛ لقيام الدليل على وجوب التأويل، وإما معارضة بما هو أقوى منها، وإما ضعيفة لا تقوم بها حجة.
وأما لفظ:"إما أن يدوا صاحبكم … " فالجواب أنها دعوى على اليهود بدون تعيين القاتل فلا يمكن القصاص، فإن حلفوا على واحد أمكن القصاص.
° الوجه العاشر: ظهر في مسألة القسامة أمور أهمها:
١ - أن اليمين توجهت على المدعي، وهذا لا يخالف قاعدة: أن اليمين على المدعى عليه؛ لأن الأصل أن اليمين مشروعة في الجانب الأقوى، وجانب المدعي قد ترجح بوجود القرائن التي تقوي جانبه.
٢ - تكرار الأيمان فيها، ذلك لعظم شأن الدماء.
٣ - أن المدعي يحلف على شيء لم يره، وهذا لكونه معتمدًا على