° الوجه الخامس: استدل العلماء: بقوله: "أتحلفون … " وفي رواية: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم" على أن الأولياء الذين يحلفون في القسامة هم العصبة؛ أي: عصبة المقتول؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أنه لم يكن لعبد الله بن سهل خمسون رجلًا وارثًا، فإنه لا يرثه إلا أخوه ومن هو في درجته أو أقرب منه نسبًا؛ ولأنه خاطب بهذا بني عمه، وهم غير وارثين مع وجود الأخ، وهذا قول مالك، ورواية عن أحمد.
والقول الثاني: أن الأولياء الذين يحلفون هم الوارثون، وهذا قول الشافعي، ورواية عن أحمد (١)، واستدلوا بان النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الحالف هو المستحق للدية أو القصاص، ومعلوم أن غير الوارث لا يستحق شيئًا، فدل ذلك على أنه لا يحلف إلا الوارث المستحق للدية. والقول الأول أرجح؛ لما تقدم من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خاطب بذلك بني عمه وهم غير وارثين؛ ولأنه لا يُعقل أن يكون خمسون رجلًا وارثين، وعلى هذا فيبدأ بالوارثين، فإن لم يبلغوا خمسين كُمِّلوا من سائر العصبات الذين لا يرثون، الأقربُ فالأقرب منهم إلى الميت.
° الوجه السادس: في الحديث دليل على أنه إذا نكل المُدَّعُونَ عن الحلف، وقالوا: لا نحلف على شيء لم نره، توجهت الأيمان على المدعى عليهم، فإذا حلفوا انتهت الخصومة، ولم يثبت عليهم شيء.
° الوجه السابع: في الحديث دليل على أنه إذا نكل المدعى عليه وأبي أن يحلف أو لم يرض المدعون يمينه أُدِيَ القتيل من بيت المال؛ لأن أولياء عبد الله بن سهل لم يحلفوا، ولم يرضوا بأيمان اليهود.
ويمكن أن يستدل بعموم هذا الحديث على أن دية المقتول في زحمة طواف أو تدافع، تكون في بيت المال، وقد مضت الإشارة إلى ذلك.
(١) "الأم" (٧/ ٢٢٩)، "المنتقى" (٧/ ٥٨)، "الإنصاف" (١٠/ ١٤٦)، "القسامة في الفقه الإسلامي" ص (١٦٣).