للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن دابتي حتَّى يقتل فقتل، قال أحدهما (١): وكان قد استتيب قبل ذلك.

وأما حديث ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فقد رواه البخاري في الباب المذكور (٦٩٢٢) من طريق حمَّاد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، قال: أُتي علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فقال: لو كنت أنا لم أحرّقهم؛ لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعذبوا بعذابي" ولقتلتهم؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه".

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:

قوله: (من بدل دينه) صيغة عموم تشمل الذكر والأنثى، وتبديل الدين هو الردة، والمراد بالدين: الدين الإسلامي؛ لأنه هو الدين الحق، والمعنى: من بدل دينه الإسلامي بغيره من الأديان، والردة تحصل بالاعتقاد وبالقول وبالفعل وبالترك، كان يعتقد ما يقتضي الكفر، كأن ينكر وجود الله تعالى، أو وحدانيته، أو يكره ما أنزل الله، أو بالفعل كالسجود للصنم، أو بالقول كالاستهزاء؛ بالله تعالى أو برسوله، أو القدح بشيء من أحكام الشريعة ولو تعريضًا، وهذا أمر عظيم وقع فيه فئام من الناس، والترك كترك الصلاة أو ترك الحكم بما أنزل الله رغبة عنه.

قوله: (فاقتلوه) هذا أمر يراد به الوجوب ولا صارف له.

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على وجوب قتل المرتد إذا ثبتت جريمة الردة عليه، وهو مسلم بالغ عاقل مختار عالم بالتحريم.

ويؤيد حديث الباب ما تقدم من حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "لا يحل دم امرئ مسلم … فذكر: التارك لدينه المفارق للجماعة" على أن المراد به المرتد، أما إن فُسِّرَ بالمحارب قاطعِ الطَّرِيق فلا شاهد فيه على ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية (٢).


(١) أي: طلحة بن يحيى وبريد بن عبد الله.
(٢) "الصارم المسلول" ص (٣١٩ - ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>