للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد دل على هذا عمل الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، كما في حديث معاذ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وقد نقل ابن قدامة وغيره إجماع أهل العلم على وجوب قتل الرجل المرتد، وقال: (روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عبَّاس وخالد وغيرهم -رضي الله عنهم-، ولم ينكر ذلك، فكان إجماعًا) (١)؛ ولأن ردة الشخص تضر المسلمين وتسبب ردة غيره وتساهله، وقتله حسم لباب الشر وردع لغيره من أن يعمل عمله.

• الوجه الرابع: استدل الجمهور من الحنابلة والمالكية والشَّافعية بحديث ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - على أن المرأة المرتدة تقتل كالرجل، لعموم: "من بدل دينه" (٢).

وذهبت الحنفية إلى أن المرأة المرتدة لا تقتل، ولكنها تحبس وتجبر على الإسلام (٣)، واستدلوا بحديث ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه، فانكر قتل النساء والصبيان (٤)؛ ولأنها لا تقتل بالكفر الأصلي، فلا تقتل بالطارئ، كالصبي.

والراجح القول الأول؛ لقوة دليله؛ ولأن المرأة شخص مكلف بدل دين الحق بالباطل فيقتل كالرجل.

وأما حديث ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فهو محمول على الكافرة الأصلية لا المرتدة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك حين رأى امرأة مقتولة، وكانت كافرة أصلية، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين بعثهم إلى ابن أبي الحقيق عن قتل النساء، ولم يكن فيهم مرتد (٥). فيكون حديث الباب خاصًّا؛ فيقدم على غيره من العمومات.


(١) "المغني" (١٢/ ٢٦٤).
(٢) "المهذب" (٢/ ٢٢٣)، "بداية المجتهد" (٤/ ٤٢٦)، "الكافي" (٣/ ٢٥٧).
(٣) "بدائع الصنائع" (٧/ ١٣٥).
(٤) رواه البخاري (٣٠١٤)، ومسلم (١٧٧٤) وسيأتي شرحه إن شاء الله في كتاب "الجهاد".
(٥) روى القصة عبد الرزاق (٥/ ٢٠٢)، وسعيد بن منصور (٢/ ٢٣٩)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٣٨١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>