البكَر يَزْنِي بالبكر، و (جلد مائة) مبتدأ، خبره محذوف؛ أي: عليهما جلد مائة، والجملة خبر لقوله:(البكر)، والبكر في الأصل: الشاب الذي لم ينكح، والشابة التي لم تُنكح، والمراد هنا: من لم يجامع في نكاح صحيح، وهو بالغ عاقل.
وقوله:(بالبكر) خرج مخرج الغالب، فليس على سبيل الاشتراط؛ لأنه يجب الجلد على البكر سواء زنى ببكر مثله أو ثيب، كما تقدم في قصة العسيف.
قوله:(والثيب بالثيب) الثيب: من تزوج من الرجال والنساء، قال أهل اللغة: الثيب يقع على الرجل والمرأة، وبه جاء هذا الحديث، والمراد هنا: من جامع في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل. وقوله:(بالثيب) خرج مخرج الغالب على ما تقدم.
قوله:(نفي سنة) النفي هو الإبعاد عن الوطن، والمراد به نفي الزاني عن البلد الذي وقعت فيه الجناية.
• الوجه الثالث: الظاهر من سياق هذا الحديث أن آية سورة النساء جاءت لبيان العقوبة في أول الإسلام، وهي الحبس، فإن قوله تعالى:{أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} يشعر بأن هذا الحكم نزل لوقت محدد، وأن الله تعالى سيبدله بحكم آخر، ثم جاء تغييره بما دل عليه حديث عبادة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - من ثبوت الحد.
• الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن حد الزاني البكر من ذكر أو أنثى أن يجلد مائة ويغرب عامًا، أما الجلد فهو مجمع عليه كما تقدم، وأما التغريب فالقول به في حق الحر الذكر هو قول الجمهور (١) -كما تقدم-؛ لحديث عبادة هذا؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - جمع الجلد مع التغريب وعطف أحدهما على الآخر، والجلد عقوبة حدية باتفاق، فيكون التغريب عقوبة حدية؛ لأن العطف يقتضي التشريك، كما استدلوا بحديث العسيف المتقدم.