للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويرى بعض أهل العلم أنَّها تحبس، والحبس يقوم مقام التغريب في إبعادها عن الناس وقطع الصلة بها (١).

• الوجه السادس: لم يرد في الحديث ذكر مسافة التغريب، ولذا قال الفقهاء: إن أقلها مسافة قصر، لتحصل الغربة؛ ولأن ما دون مسافة القصر في حكم الحضر، والذي يظهر جواز التغريب إلى ما دون مسافة القصر، كما قال بعض أهل العلم؛ لأن الحديث مطلق (٢).

• الوجه السابع: الحديث دليل على أن حد الزاني المحصن الرجم مع الجلد، أما الرجم فهو مجمع عليه ممن يعتد بإجماعه، وإنَّما الخلاف في الجلد قبل الرجم على قولين:

الأول: أنَّه لا يجلد بل يرجم فقط، وهذا قول الأئمة الثلاثة، ورواية عن أحمد، وهي الصحيح من المذهب، ونسبه ابن كثير في "تفسيره" إلى الجمهور (٣)، واستدلوا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزًا - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ولم يجلده، وكذا رجم الغامدية - رضي الله عنهما - واليهوديين ولم يجلد واحدًا منهما، كما استدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" فقد أقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي بينهما بكتاب الله ولم يذكر إلَّا الرجم فقط، حيث رتبه على الاعتراف ترتيب الجزاء على الشرط.

والقول الثاني: أن المحصن يجلد قبل أن يرجم، وهو رواية عن أحمد، وقول علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وبعض الصحابة" (٤)، واستدلوا بحديث عبادة هذا حيث صرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجمع بينهما للزاني المحصن تصريحًا ثابتًا ثبوتًا لا مطعن فيه، كما استدلوا بما رواه الشعبي عن علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنَّه جلد شراحة الهمدانية يوم


(١) "نيل الأوطار" (٧/ ١٠١).
(٢) "المغني" (١٢/ ٣٢٤)، "سبل السلام" (٤/ ١٥).
(٣) "بداية المجتهد" (٤/ ٣٧٦)، "المغني" (١٢/ ٣١٣)، "المهذب" (٢/ ٢٨٣)، تفسير ابن كثير" (٦/ ٥)، "شرح فتح القدير" (٥/ ٢٥).
(٤) "المغني" (١٢/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>