للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أطال الإِمام مسلم، ثم أَبو داود في سياق أسانيد قصة ماعز -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وذكروا طرقها، وألفاظها، وفي قصته مواضع حصل فيها اضطراب (١)، وسأذكر شيئًا من ذلك لتوضيح ما أُجمل في حديث أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - هذا.

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (رجل من المسلمين) هو ماعز بن مالك الأسلمي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، كما وردت تسميته في البخاري وإحدى روايات مسلم، وكما في حديث ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - الآتي.

قوله: (فأعرض عنه) لعله يرجع عن الاعتراف بشبهة مثلًا، فيتوب فيما بينه وبين الله تعالى، ولذا قال له: "لعلك قَبَّلْتَ … " كما سيأتي.

قوله: (فتنحى) أي: انتقل من الناحية التي كان فيها إلى الناحية التي يستقبل بها وجه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: (تلقاء وجهه) منصوب على الظرفية، وأصله مصدر أقيم مقام الظرف؛ أي: مكانًا تلقاء، فهو مصدر نائب مناب الظرف المحذوف، وليس في المصادر تفعال بكسر أوله إلَّا هذا وتبيان، وسائرها بفتح أوله.

قوله: (حتَّى ثنى ذلك) أي: كرر وردد، وقد ضبطه ابن الملقن بتخفيف النون، وكذا المغربي (٢).

قوله: (أبك جنون) استفهام حقيقي، والمعنى: هل أنت مصاب بمرض عقلي؟ فإن قيل: لو كان مجنونًا لم يفد قوله: إنه ليس بمجنون، فما وجه سؤاله، وإنَّما سؤال غيره ممن يعرفه هو المؤثر؟ فالجواب:

١ - أنَّه ورد في بعض الروايات أنَّه سأل غيره عنه، كحديث بريدة: ("أبه جنون؟ " فأخبر أنَّه ليس بمجنون) (٣) فعلى هذا يكون سأله أولًا، ثم سأل عنه احتياطًا.


(١) ومنها موضوع الحفر له، وموضوع الصلاة عليه والاستغفار له. ["الإعلام" (٩/ ١٧٧)].
(٢) "البدر التمام" (٤/ ٣٨٢).
(٣) رواه مسلم (١٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>