للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - أن المقصود بسؤاله معرفة حاله وعقله ليبنى عليه الأمر، لا على مجرد إقراره بعدم الجنون؛ لأنه ظهر عليه من الحال ما يشبه حال المجنون، وذلك أنَّه دخل المسجد وليس عليه رداء، كما في حديث جابر بن سمرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عند مسلم.

قوله: (فهل أحصنت) بفتح الهمزة، فحاء فصاد مهملتان؛ أي: تزوجت، وأصل الإحصان المنع، وله معان منها: التزويج، وهو الإحصان الموجب لرجم الزاني، وسمي الزواج إحصانًا؛ لأن المرأة المزوجة يمنعها زوجها من الوقوع في الفاحشة، ويمتنع هو بها.

وإنَّما سأله عن الإحصان والعقل فقط؛ لأنهما شيئان لا يدركان بالنظر والعلامات الواضحة، والسؤال عن الإحصان لتردد حال الزاني بين الجلد والرجم، ولا يمكن الإقدام على أحدهما إلَّا بعد تبين سببه.

قوله: (اذهبوا به فارجموه) أي: في مصلى الجنائز، لرواية البخاري: (فأمر به فرجم في المصلى)، ولم يعين في هذه الرواية ما يرجم به، لكن ورد في حديث أبي سعيد عند مسلم: (فرميناه بالعظم والمدر والخزف). والعظم معروف، والمدر: قطع الطين، والتراب المتلبد (١)، والخزف: قطع الفخار المتكسر.

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن الزنا يثبت بالإقرار كما يثبت بالشهادة، فمن أقر على نفسه بأنه زنى، وهو مختار ثبت الحد في حقه، وقد ثبت حد الزنا بالإقرار في عدة وقائع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده، وأما ثبوت الزنا بالشهادة، فقد ذكر ابن تيمية أنَّه ما عرف حد أقيم بشهادة (٢).

• الوجه الرابع: اختلف العلماء هل يكفي الإقرار مرة واحدة لثبوت الحد، أم لا بد من التكرار؟، على قولين:

الأول: أنَّه لا بد من الإقرار أربع مرات، وهو مذهب الحنفية


(١) "المصباح المنير" ص (٥٦٦).
(٢) "منهاج السنة" (١/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>