للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن المجنون لا يعتبر إقراره ولا يثبت عليه الحد؛ لأن شرط الحد التكليف، وكذا الحكم في طلاقه وعتقه وأيمانه ووصيته، وقد مضى شيء من ذلك في "الطلاق".

• الوجه السادس: في الحديث دليل على أنَّه يجب على القاضي والمفتي أن يستفصل عما يجب الاستفصال عنه مما يغير حكم المسألة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سأل ماعزًا عن الجنون ليتبين العقل، وعن الإحصان ليثبت الرجم.

• الوجه السابع: في الحديث دليل على أنَّه لا يشترط في إقامة الحد حضور الإِمام ولا نائبه، لقوله: "اذهبوا به فارجموه" وقد ورد في حديث جابر بن سمرة: (فرجمه) (١)، والمراد: أمر برجمه، كما في باقي الروايات، والأولى حضور الحاكم ويقوم مقامه القاضي أو نائبه؛ ليؤمن الحيف أو الاستهانة بحدود الله تعالى.

• الوجه الثامن: استدل بهذا الحديث من قال: إن المحصن لا يجلد قبل الرجم؛ لأنه لم يذكر الجلد مع تعدد رواة قصة ماعز، وكثرة ألفاظها.

• الوجه التاسع: في الحديث منقبة عظيمة لماعز - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إذ جاء بنفسه تائبًا طالبًا التطهير مع الإعراض عنه وتلقينه ما يسقط الحد، كما في الحديث الآتي، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم" (٢).

• الوجه العاشر: في الحديث دليل على أن وجود مثل هذه الحالات النادرة في ذلك المجتمع الطاهر فيها حكمة ورحمة، أما الحكمة فلأجل أن يدرك الناس في هذه الأمة - إلى يوم القيامة - أنَّه لا يخلو مجتمع من أناسٍ قد يتلطخون بمثل هذه الأمور، وأن العبرة بكثرة أهل الفضل والدين والصلاح. وأما كونها رحمة، فهذا يدركه من عايش قصص التائبين من أهل عصرنا، فإذا علموا أن من الصحابة - رجالًا ونساءً - من قد زنى سهَّل ذلك عليه أمر التوبة، والله أعلم.


(١) "سنن أبي داود" (٤٤٢٢).
(٢) رواه مسلم من حديث بريدة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - (١٦٩٥) (٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>