للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحجتهم أن الحمل لا يلزم أن يكون من الزنا اختيارًا، فقد يكون من وطء غصب أو إكراه أو من وطء شبهة، وقاعدة الشريعة أن الحدود تدرأ بالشبهات، بل قال بعض العلماء: إن من المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية أنَّه ينبغي أن تكون الشبهة كافية في درء العقوبات، ولا ينبغي أن تكون كافية في إيجابها (١).

والفرق بين القولين أنَّه على الأول يكفي ظهور الحمل في ثبوت الحد، وعلى الثاني لا يكفي بل لا بد أن تقوم بينة أو تعترف.

والذي يظهر - والله أعلم - أن من ظهر عليها الحمل ولا زوج لها ولا سيد وادعت إكراهًا أو وطء شبهة أنَّه لا يقام الحد عليها، إلَّا إن وجد قرينة قوية تدل على كذبها، وأن هذا الحمل من زنا، فهذا يرجع فيه إلى اجتهاد القاضي. وقد ورد عن الصحابة - رضي الله عنهم - قضايا درأوا فيها الحد بالشبهة عمن وجدت حبلى ولا زوج لها ولا سيد، وقد ادعت الإكراه، ونحوه، ومن ذلك ما رواه عبد الرزاق والبيهقي، أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أُتي بامرأة من أهل اليمن، قالوا: بغت، قالت: إني كنت نائمة فلم أستيقظ إلَّا برجل رمى فيَّ مثل الشهاب، فقال عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: (يمانية نؤمة) فخلى عنها (٢).

• الوجه الخامس: روى النَّسائي من طريق سفيان، عن الزُّهْريّ، عن عبيد الله، عن ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - رضِي حديث عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وفي آخره: "ألا وإن الرجم حق على من زنى إذا أَحصن وكانت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف، وقد قرأناها "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة … ") (٣).

وقد طعن الأئمة في ثبوت هذه الآية، واعتبروا ذلك من أفراد سفيان بن عيينة، عن الزُّهْريّ، وقد خالفه ثمانية من أصحاب الزُّهْريّ لم يذكروها،


(١) "تفسير سورة النور" للمودودي ص (٦٦).
(٢) "المصنف" (٧/ ٤١٠)، "السنن الكبرى" (٨/ ٢٣٦)، "وإسناده صحيح" ["الإرواء" (٨/ ٣٠)].
(٣) "السنن الكبرى" (٦/ ٤١٠ - ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>