الوجوب أخذًا بظاهره، والجمهور صرفوه عن ظاهره تمسكًا بالأصل الشرعي، وهو أنَّه لا يجبر أحد على إخراج ملكه لشخص آخر في غير الشُّفْعةَ (١).
قوله:(ولو بحبل من شعر) لو: للتقليل، وقوله:(من شعر) بفتح العين وسكونها، وخص حبل الشعر؛ لأنه أكثر حبالهم، وفي رواية لهما:"ولو بضفير" والضفير: الحبل، وهذا خرج مخرج التقليل والتزهيد في الجارية الزانية.
• الوجه الثالث: في الحديث دليل على وجوب إقامة الحدود على الأرقاء؛ ردعًا لهم عن الفواحش وصيانة لهم عن محارم الله عزَّ وجلَّ.
• الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن حد الأمة إذا زنت هو الجلد، وهذا الحديث لم يبين الإحصان وعدمه، وقد جاء في رواية في "الصحيحين": (أنَّه سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن)، وقد طعن الطحاوي في قوله:(ولم تحصن) وادعى تفرد مالك بها عن ابن شهاب، وأشار إلى تضعيفها، وأنكر الحفاظ عليه ذلك؛ لأنه رواه ابن عيينة ويحيى بن سعيد، عن ابن شهاب، وليس في ثبوتها مُخَالفَةُ؛ لأن الأمة تجلد مطلقًا، سواء أكانت محصنة أم غير محصنة، فالآية دلت على حكم المحصنة، والحديث على حكم غير المحصنة وأنهما حكمهما الجلد. وقد دل قوله:{فَإِنْ أَتَينَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥]، أن الجلد ينصف عليها فتجلد خمسين، ولا تغريب على قول الجمهور؛ لأن تغريبها يضر بسيدها، وربما أغراها بمعاودة الفاحشة.
• الوجه الخامس: في الحديث دليل على أنَّه إذا تكرر الزنا من الأمة أنَّها تجلد مرة ثانية، فإن لم يردعها الجلد وجب بيعها ولو بأرخص الأثمان؛ لأنه لا خير في بقائها ولا فائدة في تأديبها، وهذا يدل على أن الزنا عيب في الرقيق، بدليل أنَّه أمر ببيعه ولو بحبل، وإذا لم يعلم به المشتري فله الخيار في رده.